262

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Türler

- المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) هَلْ قَوْلُهُ (وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ) خَاصٌّ بِكَونِهِ كَلَامًا مُسْتَحْسَنًا، أَمْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى المَرْئِيِّ المُسْتَحْسَنِ أَيْضًا؟
الجَوَابُ: يَتَعَدَّاهُ، وَذَلِكَ لِسَبَبَيْنِ:
١) أَنَّ العِلَّةَ فِي جَوَازِ الأَوَّلِ هُوَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ البِشْرِ بِحُصُوْلِ الخَيْرِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَ فِي المَرْئِيِّ مَا يُبَشِّرُ بِخَيْرٍ فَهُوَ أَيْضًا مَشْرُوْعٌ، عَدَا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِيْهِ عِلَّةُ النَّهْي عَنِ التَّطَيُّرِ؛ الَّتِيْ هِيَ سُوْءُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى وَضَعْفُ التَّوَكُّلِ، وَرَجْمٌ بِالغَيْبِ، واعْتِقَادُ حُصُوْلِ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ مِنْ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى.
٢) أَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى هَذَا أَيْضًا، كَمَا فِي حَدِيْثِ قُدُوْمِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ؛ وَفِيْهِ أَنَّهُ عِنْدَمَا رَأَى أَهْلَهَا قَدْ خَرَجوا إِلَى أَعْمَالِهِم وَبِأَيْدِيْهِم الفُؤُوسُ وَالمَسَاحِيُّ اسْتَبْشَرَ بِذَلِكَ خَرَابَ خَيْبَرَ، فَقَالَ ﷺ: (اللهُ أَكْبَرُ، خَرَبَتْ خَيْبَرُ). (١)
قَالَ القَاضِي عِيَاض ﵀ فِي كِتَابِهِ (إِكْمَالُ المُعْلِمِ شَرْحُ مُسْلِمٍ) (٢): (وَقَوْلُهُ: (اللهُ أَكْبَرُ، خَرَبَتْ خَيْبَرُ) قَالَهَا النَّبِيُّ ﷺ لَمَّا رَآهُم خَرَجُوا بِآلَةِ الخَرَابِ وَالهَدْمِ؛ لِقَوْلِهِ: (خَرَجُوا بِفُؤُوْسِهِم وَمَكَاتِلِهِم وَمُرُوْرِهِم)، وَهَذَا مِنَ الفَأْلِ الحَسَنَ فِي حَقِّهِ ﵇ وحَقِّ المُسْلِمِيْنَ - الَّذِيْ كَانَ يَسْتَحِبُّهُ - وَلَيْسَ مِنَ الطِّيَرَةِ المَذْمُوْمَةِ).

(١) وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٣٧١)، وَمُسْلِمٍ (١٣٦٥) عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: (كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ - وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ، وَخَرَجُوا بِفُؤُوْسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُوْرِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَالخَمِيْسُ! قَالَ: وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: (خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِيْنَ﴾)، قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللهُ ﷿.
وَقَوْلُهُ (بِمَكَاتِلِهِمْ): جَمْعِ مِكْتَلٍ - بِكَسْرِ المِيمِ - وَهُوَ الزِّنْبِيْلُ الكَبِيْرُ، (وَمَسَاحِيْهِمْ): جَمْعُ مِسْحَاةٍ؛ وَهِيَ المِجْرَفَةُ مِنَ الحَدِيدِ، (وَالخَمِيْسُ): هُوَ الجَيْشُ.
(٢) إِكْمَالُ المُعْلِمِ (٣٠٤/ ٤).

1 / 262