At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Türler
- فَائِدَة ٨) وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ زِيَادَةُ لَفْظِ (وَلَا يَرْقُوْنَ) وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ سَنَدًا وَمَتْنًا. (١)
- فَائِدَة ٩) لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا فِي طَلَبِ الرُّقْيَةِ لِلغَيْرِ - وَلِيْسَ للنَّفْسِ- وَذَلِكَ لِحَدِيْثِ أُمِّ سَلَمَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ؛ فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهَا؛ فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ». (٢)
- فَائِدَة ١٠) الرُّقيةُ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ الشِّفَاءِ - وَإِنْ كَانَتْ ظَنِّيَّةً - وَلَكِنَّهَا تَزيْدُ عَنْ غَيرِهَا بِأنَّهَا عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهَا (٣)، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ). (٤) (٥)
- فَائِدَة ١١) فِي بَيَانِ سَبَبِ كَرَاهَةِ طَلَبِ الرُّقيَةِ والاكْتِوَاءِ:
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ عِنْدَ حَدِيْثِ (مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِىءَ مِنَ التَّوَكُّلِ) (٦): (قُلْتُ: وَفِيْهِ كَرَاهَةُ الاكْتِوَاءِ وَالاسْتِرْقَاءِ. أَمَّا الأَوَّلُ؛ فَلِمَا فِيْهِ مِنَ التَّعْذِيْبِ بِالنَّارِ، وَأمَّا الآخَرُ؛ فَلِمَا فِيْهِ مِنَ الاحْتِيَاجِ إِلَى الغَيْرِ فِيْمَا الفَائِدَةُ فِيْهِ مَظْنُوْنَةٌ غَيْرُ رَاجِحَةٍ). (٧)
_________
(١) مُسْلِمٌ (٢٢٠).
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي الضَّعِيْفَةِ (٣٦٩٠): (وَلَا يَخْدُجُ فِيْمَا ذَكَرْتُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمْسْلِمٍ فِي حَدِيْثِ ابْنِ عبَّاسٍ المُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا مِنَ الجَمْعِ بَيْنَ (لَا يَرْقُوْنَ) وَ(لَا يَسْتَرْقُوْنَ)؛ فَإِنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، أَخْطَأَ فِيْهَا أَحَدُ رُوَاتِهِ عِنْدَهُ، فَغيَّرَ الحَدِيْثَ فَزَادَ وَأَنْقَصَ؛ زَادَ (لَا يَرْقُوْنَ)، وَأَسْقَطَ (لَا يَكْتَوُوْنَ)!! خِلَافًا لِرِوَايَةِ الجَمَاعَةِ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِيْنَ رَوُوهُ بِلَفْظِ (لَا يَسْتَرْقُوْنَ، وَلَا يَكْتَوُوْنَ).
وَإِنَّ مِمَّا يُؤَكِّدُ الشُّذُوْذَ المَذْكُوْرَ مُخَالَفَتُهُ لِسَائِرِ الأَحَادِيْثِ الوَارِدَةِ فِي البَابِ، مِثْلَ حَدِيْثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي عَوَانَةَ وَغَيْرِهِمَا؛ وَحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ عِنْدَ البُخَارِيِّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ وَغَيْرِهِ، فَلَيْسَ فِيْهِمَا الجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ المَذْكُوْرَيْنِ، بَلْ إِنَّهُمَا وُفْقَ حَدِيْثِ ابْنِ عبَّاسٍ عِنْدَ الجَمَاعَةِ. فَذَلِكَ كُلُّهُ يُؤَكِّدُ شُذُوْذَ لَفْظِ (لَا يَرْقُوْنَ)، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلسُّنَّةِ العَمَلِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ).
وَقَالَ أَيْضًا ﵀ فِي صَحِيْحِ الجَامِعِ (٣٩٩٩): (قَوْلُهُ (لَا يَرْقُوْنَ): هُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ دُوْنَ البُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ هُوَ شَاذٌّ سَنَدًا وَمَتْنًا - كَمَا بيَّنْتُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ - وَحَسْبُكَ دَلِيْلًا عَلَى شُذُوْذِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَقَى غَيْرَهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ!).
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ فِي كِتَابِهِ (زَادُ المَعَادِ) (٤٧٦/ ١): (وَرُبَّمَا كَانَ يَقُوْلُ (كَفَّارَةٌ وَطَهُوْرٌ) وَكَانَ يَرْقِي مَنْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ أَوْ شَكْوَى؛ فَيَضَعُ سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ يَرْفَعُهَا وَيَقُوْلُ (بِسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيْمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا) هَذَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ، وَهُوَ يُبْطِلُ اللَّفْظَةَ الَّتِيْ جَاءَتْ فِي حَدِيْثِ السَّبْعِيْنَ أَلْفًا الَّذِيْنَ يَدْخُلُوْنَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَأَنَّهُمْ لَا يَرْقُوْنَ وَلَا يَسْتَرْقُوْنَ.
فَقَوْلُهُ فِي الحَدِيْثِ (لَا يَرْقَوْنَ) غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي، سَمِعْت شَيْخَ الإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِنَّمَا الحَدِيْثُ (هُمُ الَّذِيْنَ لَا يَسْتَرْقُوْنَ). قُلْتُ: وَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ دَخَلُوا الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُوْنَ) فَلِكَمَالِ تَوَكُّلِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ وَسُكُوْنِهِمْ إلَيْهِ وَثِقَتِهِمْ بِهِ وَرِضَاهُمْ عَنْهُ وَإِنْزَالِ حَوَائِجِهِمْ بِهِ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ شَيْئًا؛ لَا رُقْيَةً وَلَا غَيْرَهَا، وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ طِيَرَةٌ تَصُدُّهُمْ عَمَّا يَقْصِدُوْنَهُ، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ تُنْقِصُ التَّوْحِيْدَ وَتُضْعِفُهُ. قَالَ: وَالرَّاقِي مُتَصَدِّقٌ مُحْسِنٌ، وَالمُسْتَرْقِي سَائِلٌ، وَالنَّبِيُّ ﷺ رَقَى وَلَمْ يَسْتَرْقِ، وَقَالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ». وَحَدِيْثُ (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ) هُوَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (٢١٩٩) عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعًا.
قُلْتُ: إِنَّ زِيَادَةَ (لَا يَرْقُوْنَ) - إِنْ صَحَّتْ - فَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الرُّقَى الشِّرْكيَّةِ كَمَا وجَّهَ بِذَلِكَ الحَدِيْثَ النَّوَوِيُّ وَالعَسْقَلَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى. وَالأَرْجَحُ مَا أَثْبَتْنَاهُ - كَمَا سَتَرَى فِي المَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ - وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(٢) البُخَارِيُّ (٥٧٣٩) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَلِتَمَامِ الفَائِدَةِ انْظُرْ أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّوْرِ (شَرِيْط ٦٢٨) مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(٣) انْظُرْ أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّوْرِ (شَرِيْط ٦٢٨) مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(٤) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (١٨٤٣٦) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).
(٥) أَمَّا قَوْلُ المُصَنِّفِ ﵀ فِي المَسَائِلِ (الرُّخْصَةُ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ)؛ فَالوَاقِعُ أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنَ الرُّقْيَةِ عَامَّةٌ وَلَيْسَتْ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ فَقَط. مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ الشَّيْخِ الغُنَيْمَانِ حَفِظَهُ اللهُ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيْدِ)، شَرِيْطُ رَقَم (١٨)، شَرْحُ البَابِ.
(٦) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٠٥٥) عَنِ المُغِيْرةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (٢٤٤).
(٧) السِّلْسِلَةُ الصَّحِيْحَةِ (٢٤٤)، وَسَيَأْتِي مَزِيْدُ بَيَانٍ فِي بَابِ التَّوَكُّلِ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
1 / 21