At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Türler
- حَدِيْثُ بَجَالَةَ (١) بْنِ عَبَدَةَ أَنَّهُ (كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ﵁؛ أَنَّ اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ. قَالَ: فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ). هُوَ صَحِيْحٌ، لَكِنَّ لَفْظَهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ، وَأَصْلُهُ فِي البُخَارِيِّ.
وَفِيْهِ مِنَ الفِقْهِ أَمْرُ الخَلِيْفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ ﵁ وَأَمْرُهُ النَّاسَ - بِقَتْلِ السَّوَاحِرِ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُ الاسْتِفْصَالُ.
- قَوْلُهُ (حَدُّ السَّاحِرِ): بِمَعْنَى: عُقُوْبَةُ السَّاحِرِ (٢)، وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّاحِرَ مُرْتَدٌّ بِسِحْرِهِ، وَالرِدَّةُ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا بِالقَتْلِ (٣)، وَالفَرْقُ بَيْنَ الحَدِّ وَعُقُوَبَةِ الرِّدَّةِ يَظْهَرُ فِي جَانِبَيْنِ:
أ - أَنَّ الحَدَّ إِذَا بَلَغَ الإِمَامَ لَا يُسْتَتَابُ صَاحِبُهُ؛ بَلْ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ، أَمَّا الكُفْرُ؛ فَإِنَّه يُسْتَتَابُ صَاحِبُهُ. (٤)
ب- أَنَّ الحُدُوْدَ كَفَّارَاتٌ لِأَصْحَابِهَا وَتَنْفَعُ صَاحِبَهَا (٥)، أَمَّا الرِّدَّةُ فَيُعَاقَبُ عَلَيْهَا بِالقَتْلِ؛ وَلَا تَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ.
(١) (بَجَالَة): بِفَتْحَتَيْنِ، وَ(عَبَدَة): بِفَتْحَتَيْنِ، العَنْبَريُّ؛ التَّمِيْمِيُّ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ وَلَمْ يَرَهُ، وَكَانَ كَاتِبًا لِجُزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ. اُنْظُرْ الإِصَابَةَ (٤٦٥/ ١).
(٢) أَيْ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى تَطْهِيْرِ المُسْلِمِ مِنْ ذَنْبِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كُلُّهُ كُفْرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ﵀ فَيَصِحُّ عَلَى مَحْمَلٍ عِنْدَهُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ سِحْرًا لَا كُفْرَ فِيْهِ؛ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الحَدِّ اصْطِلَاحًا.
(٣) وَفِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (٣٠١٧) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا (مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوْهُ).
(٤) وَأَمَّا اسْتِتَابَةُ السَّاحِرِ فَفِيْهَا تَفْصِيْلٌ، قَالَ العَيْنِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (عُمْدَةُ القَارِي) (٦٤/ ١٤): (قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيْفَةَ وَأَحْمَدُ - فِي المَشْهُوْرِ عَنْهُ -: لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى: تُقْبَلُ.
وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ كَالزِّنْدِيْقِ، فَإِنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُظْهَرَ عَلَيْهِ وَجَاءَ تَائِبًا قَبِلْنَاهُ وَلَمْ نُقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلَ بِسِحْرِهِ قُتِلَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُ: فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَتَعَمَّدِ القَتْلَ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ).
(٥) فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (٣٨٩٢) - بَابُ الحُدُوْدُ كَفَّارَةٌ - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ﵁؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ: (بَايِعُوْنِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا) وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا، (فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ).
قَالَ العَيْنِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (عُمْدَةُ القَارِي) (٢٧٣/ ٢٣): (قَالَ الكِرْمَانِيُّ: وَهَذِهِ الآيَةُ هِيَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِيْنَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِيْنَكَ فِي مَعْرُوْفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ﴾ (المُمْتَحِنَةُ:١٢».
1 / 202