11

Açıklanmış Sırlar

أسرار معلنة

Türler

قالت لويزا: «أوه، لم يكن إبقاء المكتبة مفتوحة مسألة مبدأ، بل كان لسبب شخصي أكثر مما يخيل إليك.»

بعدها تعالت ضحكاتها، ووعدته بقصة عجيبة. قالت: «لا بد أن الخمر أطلق للساني العنان.»

قال جيم فراري: «لست ثرثارا من هواة القيل والقال.»

رمقته بنظرة ساخرة حادة، وقالت إن من يزعم ذلك يتضح على الأغلب أنه على العكس تماما، بالضبط كأن يعد المرء بأنه لن يخبر أحدا أبدا.

قالت: «لك أن تفشي ما سأقول أيان وأنى شئت، بشرط ألا تفصح عن الأسماء الحقيقية، وألا تقصها على أحد في الجوار. آمل أن تكون ثقتي في محلها وألا تفعل ذلك! ولو أنني لا أشعر بأنني أعبأ البتة الآن، ربما سيتبدل شعوري هذا فور أن تتبدد آثار الشراب. ثمة درس مستفاد في هذه القصة، درس للنساء اللائي يجعلن من أنفسهن أضحوكة. ستتساءل وما الجديد في ذلك، من الممكن أن نتعلم هذا الدرس كل يوم!»

بدأت تقص عليه قصة جندي شرع في مراسلتها من خارج البلاد، وأنه يذكرها منذ أن كان يتردد على المكتبة، لكنها لم تتذكره؛ ومع ذلك، فقد ردت على رسالته الأولى بمنتهى الود، وبدأت المراسلات تتوالى بينهما. أخبرها عن المكان الذي كان يقيم فيه بالبلدة، فعرجت على البيت كي تصف له ما حل بالمكان. وأخبرها عن الكتب التي قرأها، وأفصحت هي عن معلومات شبيهة تخصها. خلاصة القول أن كلا منهما أفصح عن بعض ما يعتمل بداخله، وأحس بدفء مشاعره تجاه الآخر. كان هو الذي أعلن عن مشاعره أولا. لم تكن لتتسرع كأي امرأة ساذجة. في البداية، ظنت أنها تتعامل بلطف معه فحسب، وحتى وقت تال لذلك، لم تكن تريد أن تنبذه وتحرجه. طلب منها صورة، فالتقطت لنفسها واحدة، ولم ترق لها، لكنها أرسلتها إليه على أية حال. سألها إن كان لها عشيق، فأجابت صدقا أن ليس لها عشيق. لم يرسل أي صورة له، ولم تطلب هي منه واحدة، ولو أن الفضول كان ينال منها بالطبع للتعرف على شكله. لم يكن من السهل أن يلتقط لنفسه صورة في حرب تدور رحاها؛ علاوة على ذلك، هي لم تود أن تظهر بمظهر المرأة التي تتراجع عن لطفها وكياستها لو اتضح لها أن مظهره لا يرقى لتوقعاتها.

قال لها في رسائله إنه لا يتوقع أن يعود إلى أرض الوطن. قال إنه لا يخشى الموت بقدر خشيته أن ينتهي به الحال كما انتهى ببعض الرجال الذين رآهم وقت إقامته بالمستشفى متأثرين بجراحهم. لم يسهب في تفسيره، لكنها افترضت أنه كان يعني الحالات التي لم يعرفوا عنها شيئا إلا الآن - ذوي الأعضاء المبتورة، والمصابين بالعمى، والمصابين بالحروق الذين أمست هيئتهم أقرب إلى الوحوش. لم يكن يعترض على قدره، وهي لم تقصد أن تلمح إلى ذلك؛ جل ما في الأمر أنه كان يتوقع الموت، واختاره من بين خيارات أخرى، وفكر فيها وراسلها شأنه شأن الرجال الذين يراسلون حبيباتهم في موقف كهذا.

عندما وضعت الحرب أوزارها، مرت فترة قبل أن تصلها أنباؤه. كانت تستشرف رسالته كل يوم، لكن هيهات! لم تصلها أي رسائل. كانت تخشى من أنه ربما كان من الجنود الأسوأ حظا في الحرب كلها؛ هؤلاء الذين قتلوا في الأسبوع الأخير، أو حتى في اليوم الأخير، أو حتى في الساعة الأخيرة. أخذت تنقب في الصحيفة المحلية كل أسبوع، حيث ظلت قوائم الإصابات الجديدة تطبع إلى ما بعد ليلة عيد الميلاد، لكن اسمه لم يكن ضمن تلك القوائم. والآن، بدأت الصحيفة تسرد أيضا قائمة بأسماء العائدين إلى أرض الوطن، وعادة ما كانت تطبع صورة إلى جوار الاسم، وتعليقا مفرحا، وعندما زادت أعداد الجنود العائدين إلى أرض الوطن بكثرة وبسرعة، لم يكن ثمة مجال لتلك الإضافات. وبعدها رأت اسمه، شأنه شأن غيره من الأسماء في القائمة. لم يكن قد قتل، ولم يصب بأذى؛ إنه في طريق العودة إلى كارستيرز، بل لعله حتى قد بلغها بالفعل.

حينئذ، قررت أن تترك أبواب المكتبة مفتوحة على مصراعيها على الرغم من تفشي وباء الإنفلونزا. كل يوم كانت على يقين من أنه سيحضر، كل يوم كانت متأهبة للقائه. كانت أيام الآحاد عذابا بالنسبة إليها. عندما دخلت مجلس المدينة، كانت تحس دائما بأنه ربما سبقها إليه، ولعله كان متكئا على الجدار بانتظار وصولها. أحيانا كان هذا الشعور يكتنفها بطريقة غريبة جدا لدرجة أنها رأت ظلا حسبته رجلا؛ الآن استوعبت كيف يظن الناس أنهم رأوا أشباحا. كلما فتح الباب، كانت تتوقع أن تطالع وجهه. أحيانا كانت تبرم اتفاقا بينها وبين نفسها ألا تنظر إلى الباب إلى أن تعد حتى العشرة. قليل من الناس توافدوا على المكتبة بسبب وباء الإنفلونزا؛ فأوكلت لنفسها مهام جديدة كإعادة ترتيب الأشياء خشية أن يجن جنونها. ولم تكن تغلق المكتبة إلا بعد موعدها بخمس أو عشر دقائق. وبعدها تخيلت أنه ربما على الجانب الآخر من الشارع على درجات سلم مكتب البريد، يراقبها ويمنعه الخجل من أن يقدم على أي خطوة. كانت تخشى أن يكون مريضا، فكانت تتحسس أخبار الحالات الأخيرة، لكن أحدا لم يذكر اسمه.

في ذاك الوقت تحديدا، انقطعت عن القراءة تماما؛ بدت لها أغلفة الكتب وكأنها أكفان، إما بالية وإما مزينة، ولعل ما بينها ثرى.

Bilinmeyen sayfa