وأصل الاستحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يذم به، ولا يجوز ذلك على الله تعالى، لكن الترك لما كان من لوازمه عبر به عنه، ويجوز أن يكون وقع في كلام الكفار هذه العبارة، وهي أما يستحيي رب محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت، فجاءت على سبيل المقابلة وإطباق الجواب على السؤال، وهو فن من كلامهم بديع.
وضرب المثل صنعه، وهو من ضرب اللبن وضرب الخاتم، تقول: ضرب مثلا إذا صنعه وبينه، وتقول: ضرب كذا مثلا إذا جعله مثلا، وهو هنا يتعدى إلى مفعولين.
وقد اختلف في المراد بقوله:
فما فوقها ، فقيل المراد به ما فوق البعوضة في القدر، كالذباب والعنكبوت.
وقيل المراد به ما فوق البعوضة في المعنى الذي ضربت فيه مثلا، وهو الحقارة، فيكون المعنى فما دونها، وذلك مثل الذرة وجناح البعوضة، وهذا كما يقال في الرجل يذكره الذاكر فيصفه باللؤم والشح، فيقول السامع: نعم، وفوق ذلك أي فوق الذي وصف به.
وما في قوله مثلا ما هي ما الإبهامية، وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهاما وزادته عموما، كقولك: أعطني كتابا ما، تريد أي كتاب كان.
وقيل ما هنا زائدة للتأكيد كالتي في قوله تعالى:
فبما نقضهم ميثاقهم .
قال في المغني في مبحث ما: وتزاد بعد أداة الشرط، جازمة كانت نحو:
أينما تكونوا يدرككم الموت ،
Bilinmeyen sayfa