Benzerlikler ve Karşılaştırmalar

Celaleddin es-Suyuti d. 911 AH
10

Benzerlikler ve Karşılaştırmalar

الأشباه والنظائر

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1403 AH

Yayın Yeri

بيروت

[الْمَبْحَث الثَّالِث: فِيمَا شرعت النِّيَّة لِأَجْلِهِ] [الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: عَدَم اشْتِرَاط النِّيَّة فِي عِبَادَة لَا تَكُون عَادَة] الْمَقْصُودُ الْأَهَمّ مِنْهَا: تَمْيِيز الْعِبَادَات مِنْ الْعَادَات، وَتَمْيِيز رُتَب الْعِبَادَات بَعْضهَا مِنْ بَعْض، كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْل، يَتَرَدَّد بَيْن التَّنَظُّف وَالتَّبَرُّد، وَالْعِبَادَة، وَالْإِمْسَاك عَنْ الْمُفْطِرَات قَدْ يَكُون لِلْحُمِّيَّةِ وَالتَّدَاوِي، أَوْ لِعَدَمِ الْحَاجَة إلَيْهِ، وَالْجُلُوس فِي الْمَسْجِد، قَدْ يَكُون لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَدَفْعُ الْمَال لِلْغَيْرِ، قَدْ يَكُون هِبَة أَوْ وَصْلَة لِغَرَضٍ دُنْيَوِيّ، وَقَدْ يَكُون قُرْبَة كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَة، وَالْكَفَّارَة، وَالذَّبْح قَدْ يَكُون بِقَصْدِ الْأَكْل، وَقَدْ يَكُون لِلتَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاء، فَشُرِعَتْ النِّيَّة لِتَمْيِيزِ الْقُرَبِ مِنْ غَيْرهَا، وَكُلٌّ مِنْ الْوُضُوء وَالْغُسْل وَالصَّلَاة وَالصَّوْم وَنَحْوهَا قَدْ يَكُون فَرْضَا وَنَذْرًا وَنَفْلًا، وَالتَّيَمُّم قَدْ يَكُون عَنْ الْحَدَث أَوْ الْجَنَابَة وَصُورَته وَاحِدَة، فَشُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ رُتَب الْعِبَادَات بَعْضهَا مِنْ بَعْض. وَمِنْ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ: أَحَدهَا: عَدَم اشْتِرَاط النِّيَّة فِي عِبَادَة لَا تَكُون عَادَة أَوْ لَا تَلْتَبِس بِغَيْرِهَا، كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَعْرِفَة وَالْخَوْف وَالرَّجَاء، وَالنِّيَّة، وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَالْأَذْكَار ; لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَة بِصُورَتِهَا، نَعَمْ يَجِب فِي الْقِرَاءَة إذَا كَانَتْ مَنْذُورَة، لِتَمْيِيزِ الْفَرْض مِنْ غَيْره، نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ. وَقِيَاسه: إنْ نَذَرَ الذِّكْر وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ ﷺ كَذَلِكَ، نَعَمْ إنْ نَذَرَ الصَّلَاة عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ، فَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة لِتَمَيُّزِهِ بِسَبَبِهِ، وَأَمَّا الْأَذَان: فَالْمَشْهُور أَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة. وَفِيهِ وَجْه فِي الْبَحْرِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الصَّلَاة، كَمَا سَيَأْتِي، فَأَوْجَبَ فِيهِ النِّيَّة لِلتَّمْيِيزِ. وَأَمَّا خُطْبَة الْجُمُعَة: فَفِي اشْتِرَاط نِيَّتهَا وَالتَّعَرُّض لِلْفَرْضِيَّةِ فِيهَا خِلَاف فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيح، وَفِي الْكِفَايَةِ: أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ. وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيح أَنَّهَا شَرْط، وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّوَسُّطِ، وَعِنْدِي خِلَافه، بَلْ يَجِب أَنْ لَا يَقْصِد غَيْرهَا. وَأَمَّا التُّرُوكُ: كَتَرْكِ الزِّنَا وَغَيْره، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُود مِنْهَا وَهُوَ اجْتِنَاب الْمَنْهِيِّ بِكَوْنِهِ لَمْ يُوجَد، وَإِنْ يَكُنْ نِيَّة، نَعَمْ يُحْتَاج إلَيْهَا فِي حُصُول الثَّوَاب الْمُتَرَتِّب عَلَى التَّرْك. وَلَمَّا تَرَدَّدَتْ إزَالَة النَّجَاسَة بَيْن أَصْلَيْنِ: الْأَفْعَال مِنْ حَيْثُ إنَّهَا فِعْل، وَالتُّرُوكُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْهَا جَرَى فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ خِلَافٌ، وَرَجَّحَ الْأَكْثَرُونَ عَدَمَهُ تَغْلِيبًا لِمُشَابَهَةِ التُّرُوكِ. وَنَظِير ذَلِكَ أَيْضًا: غُسْل الْمَيِّت، وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ ; لِأَنَّ الْقَصْد مِنْهُ التَّنْظِيف كَإِزَالَةِ النَّجَاسَة. وَنَظِيره أَيْضًا نِيَّةِ الْخُرُوج مِنْ الصَّلَاة ; هَلْ تُشْتَرَط؟ وَالْأَصَحّ لَا قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ النِّيَّة إنَّمَا تَلِيق بِالْإِقْدَامِ، لَا بِالتَّرْكِ.

1 / 12