السؤال السادس سلمنا الحصر فلم لا يجوز أن يكون المقتضى لهذا الحكم هو الحدوث قوله أولا الحدوث ماهية مركبة من العدم والوجود قلنا كل محدث فإنه يصدق كونه قابلا للعدم والوجود وأيضا كون الشيء منقسما إلى المحايث والمباين معناه كونه قابلا للإنقسام إلى هذين القسمين فالقابلية إن كانت صفة وجودية كانت في الموضعين كذلك وإن كانت عدمية فكذلك ولا يبعد تعليل عدم بعدم أما قوله ثانيا لو كان المقتضى لهذا الحكم هو الحدوث لكان الجهل بحدوث الشيء يوجب الجهل بهذا الحكم قلنا الكلام عليه من وجهين
الأول لم قلتم أن الجهل بالمؤثر يوجب الجهل بالأثر ألا ترى أن جهل الناس بأسباب المرض والصحة لا يوجب جهلهم بحصول المرض والصحة وجهل نفاة الأعراض بالمعاني الموجبة لتغير أحوال الأجسام لا يوجب جهلهم بتلك التغيرات وجهل الدهري بكونه تعالى قادرا على الخلق والتكوين لا يوجب جهله بوجود هذا العالم
الثاني لو كان الجهل بالعلة يوجب الجهل بالمعلول لكان العالم بالعلة يوجب العلم بالمعلول وعلى هذا التقدير لو كان المقتضى لكون الموجودين في الشاهد إما متحايثين أو متباينين بالجهة هو الوجود لزم أن من علم كون الشيء موجودا أن يعلم وجوب كونه إما محايثا للعالم أو مباينا لكن الجمهور الأعظم وهو أهل التوحيد يعتقدون أنه تعالى موجود ولا يعلمون أنه تعالى لا بد وأن يكون إما محايثا للعالم أو مباينا له فوجب على هذا المساق أن لا يكون المقتضى لهذا الحكم هو كونه موجودا وهذا السؤال قد أورده الأستاذ ابن فورك رحمه الله من أصحابنا على ابن الهيصم ولم يقدر أن يذكر عنه جوابا سوى أن قال يمتنع أن يحصل العلم بالأثر ولا يحصل العلم بالمؤثر ولا يمتنع أن يحصل العلم بالمؤثر مع الجهل بالأثر وطال كلامه في تقرير هذا الفرق ولم يظهر منه شيء معلوم يمكن حكايته قوله ثالثا وكونه محدثا وصف إستدلالي وكونه إما محايثا أو مباينا أمر معلوم بالبديهة والوصف الإستدلالي لا يجوز أن يكون علة للحكم المعلوم بالبديهية قلنا ممنوع فإنا بينا أن المؤثر في كثير من الأشياء إستدلالي والأثر بديهي
Sayfa 60