السؤال الرابع سلمنا أنه لا يمكن تعليل هذا الحكم بخصوص كونه جوهرا ولا بخصوص كونه عرضا فلم قلتم أنه لا بد من تعليله إما بالحدوث وإما بالوجود وما الدليل على هذا الحصر وأقصى ما في الباب أن يقال سبرنا وبحثنا فلم نجد قسما آخر إلا أنا بينا في الكتب المطولة أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وشرحنا أن هذا السؤال هادم لكل دليل مبني على تقسيمات منتشرة غير منحصرة بين النفي والإثبات
السؤال الخامس سلمنا أن عدم الوجدان يدل على عدم الوجود لكن لا نسلم قولكم أنا ما وجدنا لهذا الحكم علة سوى الحدوث والوجود بيانه من وجهين
الأول أن من المحتمل أن يقال المقتضى لقولنا أن الشيء إما أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه هو كونه بحيث يصح الإشارة الحسية إليه وذلك أن كل شيئين يصح الإشارة الحسية إليهما فإما أن تكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر وذلك كما في اللون والمتلون وهذا هو المحايثة وإما أن تكون الإشارة إلى أحدهما غير الإشارة إلى الآخر وهذا هو المباينة بالجهة فثبت أن المقتضى لقبول هذه القسمة هو كون الشيء مشارا إليه بحسب الحس وعلى هذا التقدير ما لم يقيموا الدلالة على أنه مشار إليه بحسب الحس لا يمكن أن يقال أنه تعالى يجب أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة لكن كونه تعالى مشارا إليه بحسب الحس هو مما وقع النزاع فيه وحينئذ يتوقف صحة المطلوب وذلك يفضي إلى الدور وهو باطل
الثاني أنه لا شك أن ما سوى الله تعالى أن يكون محايثا لغيره أو مباينا عن غيره بالجهة ولا شك أن الله تعالى مخالف لهذين القسمين بحقيقته المخصوصة إذ لو لم يكن مخالفا بحقيقته المخصوصة لكان إما مثلا للجواهر أو الأعراض ويلزم منه كونه تعالى محدثا كما أن الجواهر والأعراض مشتركان في الأمر الذي به وقعت المخالفة بينهما وبين ذات الباري تعالى فلم لا يجوز المقتضى لقبول الإنقسام إلى المحايث وإلى المباين هو ذلك الأمر وعلى هذا التقدير سقط هذا السؤال لأنه لا مشترك بين الجواهر والأعراض إلا الحدوث
Sayfa 59