السؤال الثاني سلمنا أن كل موجودين في الشاهد فلا بد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة لكن كون الشيء بحيث يصدق عليه قولنا إما أن يكون وإما أن لا يكون إشارة إلى كونه قابلا للإنقسام إليهما لكن قبول القسمة حكم عدمي والعدم لا يعلل وإنما قلنا إن قبول القسمة حكم عدمي لأن أصل القبول حكم عدمي فوجب أن يكون قبول القسمة حكما عدميا وإنما قلنا إن اصل القبول حكم عدمي لأنه لو كان أمرا لكان صفة من صفات الشيء المحكوم عليه بكونه قابلا فتكون الذات قابلة لتلك الصفة القائمة بها فيكون قبول ذلك القبول زائدا ولزم التسلسل وإننا قلنا إنه لما كان أصل القبول عدميا كان قبول القسمة أيضا كذلك لأن قبول القسمة قبول مخصوص فتلك الخصوصية إن كانت صفة موجودة لزم قيام الوجود بالعدم وهو محال وإن كانت عدمية لزم القطع بأن قبول القسمة عدمي وإذا ثبت أنه حكم عدمي امتنع تعليله لأن العدم نفي محض فكان التأثير فيه محالا فثبت أن قبول القسمة لا يمكن تعليله
السؤال الثالث هب أنه من الأحكام فلم لا يجوز أن يكون معللا بخصوص كونه جوهرا أو بخصوص كونه عرضا لأن كونه جوهرا يمنع من المحايثة وكونه عرضا يمنع من المباينة بالجهة وما كان علة لقبول الإنقسام إلى قسمين يمتنع كونه مانعا من أحد القسمين قلنا ما الذي تريدون بقولكم الوجود في الشاهد منقسم إلى المحايث وإلى المباين بالجهة إن أردتم به أن الوجود في الشاهد قسمان أحدهما هو الذي يكون محايثا لغيره وهو العرض والثاني يجب أن يكون مباينا لغيره بالجهة وهو الجوهر فهذا مسلم لكنه في الحقيقة إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين فإن عندنا وجوب محايثا لغيره معلل بكونه عرضا ووجوب كون القسم الثاني مباينا عن غيره بالجهة معلل بكونه جوهرا فبطل قولكم أن خصوص كونه عرضا وجوهرا لا يصلحان لعلة هذا الحكم وإن أردتم به أن إمكان الإنقسام إلى هذين القسمين حكم واحد فإنه في جميع الموجودات التي في الشاهد فهذا باطل لأن إمكان الإنقسام إلى هذين القسمين لم يثبت في شيء من الموجودات التي في الشاهد فضلا عن أن يثبت في جميعها لأن كل موجود في الشاهد فهو إما جوهر وإما عرض فإن كان جوهر امتنع أن يكون محايثا لغيره فلم يكن قابلا لهذا الإنقسام وإن كان عرضا امتنع أن يكون مباينا لغيره بالجهة فلم يكن قابلا لهذا الإنقسام فثبت بما ذكرنا أن الذي قالوه مغالطة والحاصل أن هذا المستدل أوهم أن قوله الموجود في الشاهد إما أن يكون محايثا لغيره وإما أن يكون مباينا عنه بالجهة إشارة إلى حكم واحد ثم بني عليه أنه لا يمكن تعليل ذلك الحكم بخصوص كونه جوهرا ولا بخصوص كونه عرضا ونحن بينا أنه إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين مختلفتين
Sayfa 58