الوجه الثالث في بيان أن المقتضى لهذا الحكم ليس هو الحدوث وقد ذكره ابن الهيصم أيضا في تلك المناظرة وتقريره أن كونه محدثا وصف يعلم بالإستدلال وكونه بحيث يجب أن يكون إما محايثا وإما مباينا بالجهة حكم معلوم بالضرورة والوصف المعلوم الثبوت بالإستدلال لا يجوز أن يكون أصلا للحكم الذي يعلم ثبوته بالضرورة فثبت بهذه الوجوه أن المقتضى لهذا الحكم ليس الحدوث
المقدمة الرابعة وهي في بيان أنه لما كان المقتضى لهذا الحكم في الشاهد هو الوجود والباري تعالى موجود وكان المقتضى لكونه إما محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة حاصلا في حقه كان هذا الحكم أيضا حاصلا هناك
واعلم أنا نفتقر في هذه المقدمة إلى بيان أن الوجود حقيقة واحدة في الشاهد وفي الغائب وذلك يقتضي كون وجوده تعالى زائدا على حقيقته فإنه ما لم يثبت هذا الأصل لم يحصل المقصود فهذا غاية ما يمكن ذكره في تقرير لهذه الشبهة ومن نظر في تقريرنا في هذه الشبهة وتقريرهم لها علم التفاوت بينها والجواب أن مدار هذه الشبهة على أن كل موجودين في الشاهد فلا بد أن يكون أحداهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة وهذه الطريقة ممنوعة وبيانه من وجوه
الأول أن جمهور الفلاسفة يثبتون موجودات غير محايثة لهذا العالم الجسماني ولا مباينة عنه بالجهة وذلك لأنهم يثبتون العقول والنفوس الفلكية والنفوس الناطقة ويثبتون الهيولى ويزعمون أن هذه الأشياء موجودات غير متحيزة ولا حالة في المتحيز ولا يصدق عليها أنها محايثة لهذا العالم ولا مباينة عنه بالجهة وما لم تبطلوا هذا المذهب بالدليل لا يصح القول بأن كل موجودين في الشاهد فإما أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه
الثاني أن جمهور المعتزلة يثبتون إرادات وكراهات موجودة لا في محل ويثبتون فناء لا في محل وتلك الأشياء لا يصدق عليها أنها محايثة للعالم أو مباينة عن العالم بالجهة فما لم تبطلوا ذلك لا تتم دعواكم
Sayfa 56