الفصل الخامس في حكاية الشبه العقلية في كونه تعالى مختصا بالحيز
والجهة
الشبهة الأولى
أنهم قالوا العالم موجود والباري موجود وكل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بجهة من الجهات الست ولما لم يكن الباري تعالى محايثا للعالم وجب كونه تعالى مباينا عن العالم بجهة من الجهات الست وإذا ثبت ذلك وجب كونه تعالى مختصا بجهة فوق أما قولهم إن كل موجودين فلا بد أن يكون أحدهم محايثا للآخر أو مباينا عنه بجهة فلهم فيه طريقان
الأول ادعاء البديهية فيه إلا أنه سبق الكلام على هذه الطريقة في أول الكتاب
والطريق الثاني أنهم يستدلون عليه وهو الطريق الذي اختاره ابن الهيصم في المناظرة التي حكاها عن نفسه مع ابن فورك وأنا أذكر محصل تلك الكلمات على الترتيب الصحيح وعلى أحسن وجه يمكن تقرير الشبهة به وهو أن يقال لا شك أن كل موجودين في الشاهد فأحدهما لا بد وأن يكون محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة وكون كل موجودين في الشاهد كذلك إما أن يكون لخصوص كونه جوهرا أو لخصوص كونه عرضا أو لأمر مشترك بين الجوهر والعرض وذلك المشترك إما الحدوث أو الوجود والكل باطل سوى الوجود فوجب أن تكون العلة لهذا الحكم هو الوجود والباري تعالى موجود فوجب الجزم بأنه تعالى إما أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة
واعلم أن هذا الكلام لا يتم إلا بتقدير مقدمات نحن نذكرها ونذكر الوجوه التي يمكن ذكرها في تقرير تلك المقدمات
Sayfa 54