رابعهما أنه لو حصل في حيز معين مع أنه لا يمكنه الخروج لكان كالمفلوج الذي لا يمكنه أن يتحرك أو كالمربوط الممنوع عن الحركة وكل ذلك نقص والنقص على الله تعالى محال وأما القسم الثاني وهو أن يقال إنه تعالى لو حصل في الحيز مع جواز كونه حاصلا فيه فنقول هذا محال لأنه لو كان كذلك لما ترجح وجود ذلك الاختصاص إلا بفعل فاعل وتخصيص مخصص وكل ما كان كذلك فالفاعل يتقدم عليه فيلزم أن لا يكون حصول ذات الله تعالى في الحيز أزليا لأن ما تأخر عن الغير لا يكون أزليا وإذا كان الأزلي مبرأ عن الوضع والحيز امتنع أن يصير بعد ذلك مختصا بالحيز وإلالزم وقوع الانقلاب في ذاته تعالى وأنه محال وبالله التوفيق
البرهان الخامس هو أن الأرض كرة وإذا كان كذلك امتنع كونه تعالى في الحيز والجهة بيان الأول أنه إذا حصل خسوف قمري فإذا سألنا سكان أقصى المشرق عن ابتدائه قالوا إنه حصل في أول الليل وإذا سألنا أقصى المغرب قالوا حصل في آخر الليل فعلمنا أن أول الليل في أقصى الشرق هو بعينه آخر الليل في أقصى المغرب وذلك يوجب كون الأرض كرة وإنما قلنا إن الأرض لو كانت كرة امتنع كون الخالق في شيء من الأحياز وذلك لأن الأرض إذا كانت كرة فالجهة التي هي فوق بالنسبة إلى سكان أهل المشرق هي تحت بالنسبة إلى سكان أهل المغرب وعلى العكس فلو اختص الباري تعالى بشيء من الجهات لكان تعالى في جهة التحت بالنسبة إلى بعض الناس وعلى العكس وذلك باطل بالاتفاق بيننا وبين الخصم فثبت أنه يمتنع كونه تعالى مختصا بالجهة
Sayfa 51