البرهان السادس أنه تعالى لو كان جسما لكانت الحركة إما أن تكون جائزة عليه أو لا تكون جائزة والقسم الأول باطل لأنه لما لم يمتنع أن يكون الجسم الذي تكون الحركة عليه جائزة إلها فلم لا يجوز أن يكون إله العالم هو الشمس أو القمر أو الفلك وذلك لأن هذه الأجسام ليس فيها عيب يمنع من إلهيتها إلا أمور ثلاثة وهي كونها مركبة من الأجزاء وكونها محدودة متناهية وكونها موصوفة بالحركة والسكون فإذا لم تكن هذه الأشياء مانعة من الإلهية فكيف يمكن الطعن في إلهيتها وذلك عين الكفر والإلحاد وإنكار الصانع تعالى
والقسم الثاني هو أن يقال إنه تعالى جسم ولكن الانتقال والحركة عليه محال فنقول هذا باطل من وجوه
الأول أن هذا يكون كالزمن المقعد الذي لا يقدر على الحركة وهذا صفة نقص وهو على الله تعالى محال
الثاني أنه تعالى لما كان جسما كان مثلا لسائر الأجسام فكانت الحركة جائزة عليه
الثالث أن القائلين بكونه جسما مؤلفا من الأجزاء والأبعاض لا يمنعون من جواز الحركة عليه فإنهم يصفونه بالذهاب والمجيء فتارة يقولون إنه جالس على العرش وقدماه على الكرسي وهذا هو السكون وتارة يقولون إنه ينزل إلى السماء الدنيا وهذا هو الحركة فهذا مجموع الدلائل على أنه تعالى ليس بجسم ولا بجوهر وبالجملة فليس بمتحيز أما شبه الخصم فمن وجوه
الشبهة الأولى أن العالم موجود والباري تعالى موجود وكل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما ساريا في الآخر أو مباينا عنه بالجهة وكون الباري تعالى ساريا في العالم محال فلا بد وأن يكون مباينا عنه بالجهة وكل ما كان كذلك فهو متحيز ثم أنه إما أن يكون غير منقسم فيكون في الصغر والحقارة كالجوهر الفرد وهو محال وإما أن يكون شيئا كثيرا مركبا من الأجزاء والأبعاض وهو المقصود
Sayfa 41