الثاني أن كل متحيز فإما أن يكون قابلا للقسمة أو لا يكون فإن كان قابلا للقسمة كان مركبا مؤلفا وإن كان غير قابل للقسمة فهو الجوهر الفرد وهي في غاية الصغر والحقارة وليس في العقلاء أحد يقول هذا القول فثبت أنه تعالى لو كان متحيزا لكان مؤلفا منقسما وذلك محال لأن كل ما كان كذلك فهو مفتقر في حقيقته إلى كل واحد من أجزائه وكل واحد من اجزائه غيره فكل مركب فهو مفتقر في الحقيقة إلى غيره وكل ما كان كذلك فهو ممكن لذاته فكل مركب ممكن لذاته فيلزم أن يمون الممكن لذاته واجبا لذاته وذلك محال فيمتنع أن يكون متحيزا
البرهان الخامس أنه لو كان متحيزا لكان مركبا من الأجزاء إذ ليس في العقلاء من يقول أنه في حجم الجوهر الفرد ولو كان مركبا من الأجزاء فإما أن يكون الموصوف بالعلم والقدرة والحياة جزءا واحدا من ذلك المجموع أو يكون الموصوف بهذه الصفات مجموع تلك الأجزاء فإن كان الأول كان إله العالم هو ذلك الجزء الواحد فيكون إله العالم في غاية الصغر والحقارة وقد بينا أنه ليس في العقلاء من يقول بذلك وإن كان الثاني فإما أن يقال القائم بمجموع تلك الأجزاء علم واحد وقدرة واحدة أو يقال القائم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة والأول محال لأنه يقتضي قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة وذلك محال وإن كان الثاني لزم أن يكون كل واحد منها إلها قديما وذلك يقتضي تكثر الإلهة وهو محال فإن قيل هذا يشكل بالإنسان فإن ما ذكرتم قائم فيه بعينه فيلزم أن لا يكون جسما وهذه مكابرة فإنا نعلم بالضرورة أن الإنسان ليس إلا هذه البنية ثم نقول لم لا يجوز أن يقال قام علم واحد بمجموع تلك الأجزاء إلا أنه انقسم ذلك المجموع وقام بكل واحد من تلك الأجزاء جزء من ذلك العلم وأيضا لم لا يجوز أن يقول قام كل واحد من تلك الأجزاء علم بمعلوم واحد وقدرة على مقدور واحد وبهذا الطريق كان مجموع الأجزاء عالما بجملة المعلومات قادرا على جملة المقدورات والجواب عن السؤال الأول أن نقول أما الفلاسفة فقد طردوا قولهم وزعموا أن الإنسان ليس عبارة عن هذه البنية فإن الإنسان عبارة عن الشيء الذي يشير إليه بقوله أنا وذلك الشيء موجود ليس بجسم ولا جسماني قالوا وأما قول من يقول بأن هذا باطل بالضرورة لأن كل أحد يعلم أن الإنسان ليس إلا هذه البنية المخصوصة فقد أجابوا عنه بأن الإنسان مغاير لهذه البنية المشاهدة ويدل عليه وجوه
الأول أنا قد نعقل أنفسنا حال ما نكون غافلين عن جملة أعضائنا الظاهرة والباطنة والمعلوم مغاير لغير المعلوم
Sayfa 39