الحجة الرابعة عشرة قوله تعالى ^ كل شيء هالك إلا وجهه ^ ظاهر الآية يقتضي فناء العرش وفناء جمع الأحياز والجهات وحينئذ يبقى الحق سبحانه وتعالى منزها عن الحيز والجهة وإذا ثبت ذلك امتنع أن يكون الآن في جهة وإلا لزم وقوع التغير في الذات فإن قيل الحي والجهة ليس شيئا موجودا حتى يصير هالكا فانيا قلنا الأحياز والجهات أمور مختلفة بحقائقها متباينة بماهيتها بدليل أنكم قلتم أنه يجب حصول ذات الله تعالى في جهة فوق ويمتنع حصول ذاته في سائر الجهات فلولا أن جهة فوق مخالفة بالماهية لسائر الجهات لما كانت جهة فوق مخالفة لسائر الجهات في هذه الخاصة وهذا الحكم وأيضا فلأنا نقول هذا الجسم حصل في هذا الحيز بعد أن كان حاصلا في حيز آخر فهذه الأحياز معدودة متباينة متعاقبة والعدم المحض لا يكون كذلك فثبت أن هذه الأحياز أمور متخالفة بالحقائق متباينة بالعدد وكل ما كان كذلك امتنع أن يكون عدما محضا فكان أمرا موجودا وإذا ثبت هذا دخل تحت قوله تعالى ^ كل شيء هالك إلا وجهه ^ وإذا هلك الحيز والجهة بقي ذات الله تعالى منزها عن الحيز وبقية الكلام قد تقدمت
الحجة الخامسة عشرة قوله تعالى
ﵟهو الأول والآخرﵞ
فهذا يقتضي أن يكون ذاته متقدما في الوجود على كل ما سواه وأن يكون متأخرا في الوجود عن كل ما سواه وذلك يقتضي أنه كان موجودا قبل الحيز والجهة ويكون موجودا بعد فناء الحيز والجهة وإذا ثبت هذا فالتقريب ما ذكرناه في الحجة الثالثة عشرة والرابعة عشرة
الحجة السادسة عشرة قوله تعالى
ﵟواسجد واقتربﵞ
ولو كان في جهة الفوق لكانت السجدة تفيد البعد من الله تعالى لا القرب منه وذلك خلاف الأصل
الحجة السابعة عشرة قوله تعالى
ﵟفلا تجعلوا لله أنداداﵞ
والند المثل ولو كان تعالى جسما لكان مثلا لكل واحد من الأجسام لما سنبين إن شاء الله تعالى أن الأجسام كلها متماثلة فحينئذ يكون الند موجودا على هذا التقدير وذلك على مضادة هذا النص
الحجة الثامنة عشرة الحديث المشهور وهو ما روي أن عمران بن الحصين قال يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر فقال ( كان الله ولم يكن معه شيء ) وقد دللنا مرارا كثيرة على أنه تعالى لو كان مختصا بالحيز والجهة لكان ذلك الحيز شيئا موجودا معه وذلك على نقيض هذا النص
واعلم أن هذه الوجوه التي ذكرناها بعضها قوي وبعضها ضعيف وكيفما كان الأمر فقد ثبت أن في القرآن والأخبار دلائل كثيرة تدل على تنزيه الله تعالى عن الحيز والجهة وبالله التوفيق
Sayfa 34