أحدها أنا لا نعقل ذاتا يكون عالما بمعلومات لا نهاية لها على التفصيل دفعة وإنا إذا جربنا أنفسنا وجدناها متى اشتغلت باستحضار معلوم معين امتنع عليها في تلك الحالة استحضار معلوم آخر ثم إنا مع ذلك نعتقد أنه تعالى عالم بما لا نهاية له من المعلومات على التفصيل من غير أن يحصل فيه إشتباه والتباس فكان كونه تعالى عالما بجميع المعلومات أمرا على خلاف مقتضى الوهم والخيال
وثانيها أنا نرى أن كل من فعل فعلا فلا بد له من آلة وأداة وأن الأفعال الشاقة تكون سببا للكلالة والمشقة لذلك الفاعل ثم إنا نعتقد أنه تعالى يدبر من العرش إلى ما تحت الثرى مع أنه منزه عن المشقة واللغوب والكلالة
وثالثها أنا نعتقد أنه يسمع أصوات الخلق من العرش إلى ما تحت الثرى ويرى الصغير والكبير فوق أطباق السموات العلى وتحت الأرضين السفلى ومعلوم أن الوهم البشري والخيال الإنساني قاصران عن الإعتراف بهذا الموجود مع أنا نعتقد أنه تعالى كذلك فثبت أن الوهم والخيال قاصران عن معرفة أفعال الله سبحانه وتعالى وصفاته ومع ذلك فإنا نثبت الأفعال والصفات على مخالفة الوهم والخيال وقد ثبت أن معرفة كنه الذات أعلى وأجل وأغمض من معرفة كنه الصفات فلما عزلنا الوهم والخيال في معرفة الصفات والأفعال فلأن نعزلهما في معرفة الذات أولى وأحرى
Sayfa 21