كعادتها، وابتسامتها تتلقاني بود. •••
مدت يمناها لمصافحتي، لم أصافحها بل خطوت لجانبها، وأمسكتها يسراي، هامسا: «أنا الغريب في بلادكم.» ابتسمت. - ستأتي معي؟ - هل أملك بدائل؟ - لا أعتقد أن سيرابيس سيمنحك الكثير منها.
تحركت، وأنا مستسلم لها، وعقلي يدور ببراح بعيد أسائل نفسي عنها: هل ستحتويني بالفصحى؟ ستئن شعرا وتتأوه نثرا؟ هل ستعتليني كآلهة الإغريق، تحممني بالنبيذ من جرتها كأفروديت؟ هل أقسمت كهيستيا أن تظل عذراء للأبد؟ هل ستمنحني الفرصة لأفض بكارة العذراوات الثلاثة، هيستيا وأثينا وأرتيميس؟ لا، لا، هي أفروديت، وسأخرجها من صدفتها، وستراني هيفيستوس، ما أصعب الغرق في أستاذة تاريخ! •••
خطوة أخرى، ويدي بيدها، لا أعرف من يريح يده بيد الآخر، انتبهت هي حين توقفت مرة أخرى، التفتت لتواجهني متسائلة عن سبب توقفي، لم تجد في عيني إجابة، لم تدرك أن فكرة غريبة تنتابني، سألتها بوجه ثابت أن تأتي بسكين، سألتني: «هل ستقتلني بتلك السرعة؟» ابتسمت وهي تغادر يدي لركن وجبات جاهزة بجوار البوابة؛ لتعود وبيدها سكين، مددت يساري بيسراها وطلبت منها أن تحدث قطعا متقاطعا كالصليب بكفي، وأنا أنظر بعينيها، رجفة أخفتها بالقطع الأول، واستلذاذ للألم بالقطع العمودي، وأمسكت يدها اليسرى بأطراف أناملي وطلبت منها أن تنظر لي بينما أشق كفها اليسرى، كانت دمانا تنساب، فواجهت كفي بكفها ليتحول انسياب الدماء لسريان بعروقنا.
فصلبتها بكفي، واعتليت صليبا بكفها، فتطيب جرحانا بجرحينا، وامتزجت دمانا بكفينا.
فاكتفت منا الجراح وما اكتفينا.
أقلتنا سيارة أجرة. عمارة سكنية قديمة بالشاطبي، بين بورصة المال بالمنشية، وحلقات الذاكرين بمسجد المرسي أبو العباس، هكذا وصفت هي المكان، صعدت خلفها، والبحر من خلفي يهمهم سائلا من أكون، شعرت بغيرته، ونشوتي زادته غيرة، هي لي، والبحر يعرف، لا أعلم إن كان سيرابيس الغارق من خلفي قد لمحني، لكنني كنت على علم بحتمية المواجهة، قريبا.
بيت جدتها، يحمل مزيجا من الأطياف؛ جدتها يونانية وجدها من الصعيد، مكثت في حجرة جدتها بعد رحيلها لتلحق جدها بأقل من عام، طوفتني أطيافهما قليلا حتى قادتنا قدمانا للشرفة، خرجت هي تدلل البحر بعين حانية، تهمس لسيرابيس الغارق، تبتسم.
تراجعت للخلف خطوات قليلة ضيقة حتى التصقت بي عند باب الشرفة، أسقطت فستانها وأسقطت هي ما بقي من ملابسها دون النظر خلفها، فردت ذراعيها لجانبيها، صلبتها عارية على جسدي، وهمست بأذنها: «الآن يمكنك الصلاة، أخبري سيرابيس بما تريدين، فإن لم يسمعك فسأسمعك أنا.»
لم تنطق بل تمسحت بشعرها في صدري ورقبتي، لم أكن أرى من صلبها سوى كتفيها وذراعيها، مشدودة هي بعمر أشجار السنط، السيسبان السعيد، لكنها تخفي بجذعها أكروبوليس تحاول النفاذ من مسام عروقها، ربما شعرت بنيتي لتحدي سيرابيس للنهاية، ربما جاءتها رسالته بأن تتحرك الآن؛ فدارت حول محورها كأفعى دون أن تغادر جسدي، واجهتني زافرة الجحيم في صدري: «بل سأصلي اليوم هنا.» وبدأت في فك أزار قميصي.
Bilinmeyen sayfa