117

Articles from Dorar.net

مقالات موقع الدرر السنية

Yayıncı

موقع الدرر السنية dorar.net

Türler

سيادة الشريعة .. (الحد الفاصل بين الإسلام والعلمانية) عبد الرحيم بن صمايل السلمي الإثنين ٢٥ ذي الحجة ١٤٣٢هـ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن من أعظم محكمات الإيمان التسليم والخضوع (علمًا وعملًا) لشريعة الإسلام في المنشط والمكره، والرضا والغضب، وعدم تقديم أي أمر من الأمور على كلام الله ورسوله ﷺ، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات:١] ومعنى ذلك أنه لا يقدم على الشريعة أي أمر من الأمور مهما رآه صاحبه أمرًا حسنًا سواءً كان عقلًا، أو حرية، أو أمة أو غير ذلك. والإقرار بهيمنة الشريعة وحاكميتها وتقديمها والقبول بها قولًا وعملًا دون أي شرط أو استثناء هو قاعدة الإيمان وأصله كما قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥] ومع وضوح هذه الحقيقة الشرعية وانعقاد الإجماع عليها فقد حاولت التيارات العلمانية والتنويرية الانتقاص من ذلك بجعل السيادة للبشر، وعدم القبول بالشريعة حاكمة بالفعل في حياة الناس إلا بشرط التصويت عليها لتنال الشرعية في التحكيم، ويرون التفريق بين الإيمان بالشريعة اعتقادًا قلبيًا، وتحكيمها واقعًا عمليًا، وهذا هو الفصل العلماني الشهير بين الدين القلبي الإيماني، والدين العملي الحاكم والمهيمن على حياة الناس، وهي فكرة خارجة عن النسق الإسلامي ومخالفة لإجماع المسلمين ولم تعرف إلا بعد أزمنة الاستعمار على يد العلمانيين. ولا يتعارض - حسب التصور العلماني - الاجتماع بين الاعتقاد الشخصي بالحلال والحرام، والتشريع المبدل لأحكام الشريعة، لأن الأول اختيار شخصي، والثاني حق من حقوق الأمة، وعندما تختار الأمة الشريعة فإن شرعية تطبيقها وتحكيمها لم يأت من كونها ربانية الأمر والنهي، وإنما لكونها تحققت فيها السيادة المعتبرة، وهي سيادة الأمة. وهذا التصور في غاية التناقض فما هي فائدة اعتقاد الحلال والحرام إذا أقرّ بشرعية تبديله في حال حصول ذلك من الأمة؟ هذا اعتقاد لا قيمة له لأنه معارض باعتقاد آخر وهو شرعية التبديل إذا تم من خلال الأمة!!. مفهوم السيادة السيادة في اللغة والاصطلاح مرجعها واحد فهي مأخوذة من السيد وهو المتصرف المطلق، وصاحب الأمر والنهي والذي تعود إليه كافة السلطات الثلاثة، ومنها سلطة التشريع، وقد ظهرت في الفكر الغربي لدى المدرسة القانونية الفرنسية المعبرة عن العقد الاجتماعي كما يراه جان جاك روسو، والسيادة هي المعبرة عن الإرادة العامة عند روسو، وهي السلطة العليا التي لا توجد فوقها ولا تحكمها ولا تهيمن عليها أي سلطة مهما كانت. و"سيادة الأمة" في الفكر السياسي المعاصر هو التعبير القانوني للنظام الديمقراطي، فهو الوجه القانوني والمبرر العقلاني لاستحقاق السلطات، وهو يعطي الأمة أو الشعب السلطة العليا في التشريع، فلا قانون إلا ما أقرته الأمة، وما اتفقت عليه الأمة فهو القانون الشرعي الذي يجب الإذعان له لأنه نابع من سيادة الأمة واستحقاقها للتشريع المطلق. وعليه فلو أحلت الأمة حرامًا أو حرمت حلالًا فهذا ما يجب القبول به، ولا يجوز الخروج عن سيادتها، وبهذا تكون الأمة هي صاحبة التشريع والحاكمية لامتلاكها السيادة المطلقة، وبغض النظر عن نوع الاختيار الذي تختاره الأمة، ففكرة السيادة تجعل المرجعية العليا للأمة وليس للإسلام والشريعة الربانية.

1 / 116