قال: «انظر يا مرقس وافهم ما أقوله لك، أنت تعلم منزلتي ونسبي، ولا تعجب لمكاشفتي إياك واستسلامي لك، فقد آنست منك شهامة ومروءة سهلا علي ذلك، وأنت خطيب مارية وتعرف قلوب المحبين، فاعلم أني أحب أرمانوسة حبا شديدا، ولم يعرف بهذا الحب أحد سواها وخادمتها بربارة، وأما أمر خاتمي فهو بيدها، وقد دفعته إليها عربونا للمحبة، وأما قسطنطين فهي لا تحبه، وقد أرسلتك للتثبت من موته لعلها تنجو منه.» وأوضح له حكايته على قدر ما تسمح له منزلته ثم قال: «وقد جئت الآن خفية عن كل من في الحصن لإنقاذها؛ إذ بلغني أن قسطنطين بعث يستقدمها إليه مع يوقنا، وسأنيط بك أمرا أرجو أن تقوم به بالحزم والدراية بحيث لا يلحظ أحد شيئا منك فأنا أريد مقابلة أرمانوسة قبل عودتي إلى الحصن، ولكني لا أستطيع الدخول إلى بلبيس لئلا يعرفني أحد، فما الرأي؟»
قال: «الأمر لسيدي، فهل تريد أن توافيك إلى مكان خارج المدينة؟»
قال: «نعم أريد، ولكن كيف السبيل إلى ذلك بغير أن ينكشف أمرنا؟»
ففكر مرقس قليلا ثم قال: «أرى أن أكاشف سيدتي أرمانوسة بما دار بيننا، وأدعوها إلى منزل خطيبتي بدعوى أنها تريد أن تقوم بواجب الخضوع والشكر لها.»
فقال أركاديوس: «ولكنني لا أظنها تذهب؛ لأن المسافة طويلة.»
قال: «إذا لم تستطع الخروج إلينا فإننا ندبر حيلة أخرى.»
فقال أركاديوس: «أرى أن أتنكر بلباس مثل لباسك، وأسير كأني رسول إليها، فتأخذ أنت هذا الجواد وتذهب به إلى القرية وتبقيه هناك حتى أعود، فتكون أنت في انتظاري على الطريق فأركب وأسير في طريقي.»
فقال مرقس: «حسنا، فهل أعطيك ثيابي الآن؟» قال: «هات خوذتك وردائك وسيفك، وخذ هذه الدرع وهذا الحسام وهذا الجواد، واذهب إلى القرية واحذر أن تخبر أحدا بأنك رأيتني أو عرفت شيئا عني.»
فتبادلا الثياب، وأخذ مرقس الجواد والدرع والحسام، وسار قاصدا القرية، وسار أركاديوس كأنه أحد جند الروم قاصدا بلبيس، فلما اقترب من الأسوار كانت الأبواب قد فتحت وأخذ أهل تلك الخيمة في تقويضها وحملها، فدخل هو في جملة الداخلين، ولم ينتبه له أحد.
الفصل العاشر
Bilinmeyen sayfa