قال: «قد أعدك ولا أستطيع الوفاء؛ فليس أمري بيدي.»
قال: «أعلم ذلك، وأنا لن أعاهدك على ما لا يريده أميرك، فإنه إذا عرف من أنا قد يطمع في قتلي، وما أنا بخائف من الموت.»
قال: «ماذا إذن؟»
قال: «عدني، وأقسم أنك ستفعل ما أقوله لك، ولو بعد مماتي.»
فارتاب زياد في الأمر، وعجب لطلبه هذا، وقال في نفسه: «إن للرجل سرا عميقا لا بد من معرفته.» فقال: «أعاهدك على شرف العرب وشهامتهم أني أفعل ما تريده إلا نجاتك من الموت. قل ما بدا لك.»
فقال أركاديوس: «أما وقد وعدتني فإني أعترف لك بأني أركاديوس بن الأعيرج، وليفعل بي أميركم ما يشاء، وقد فهمت من حديثك أنك دخلت الحصن، وظهر لي أنك تستطيع الدخول بين جند الروم بغير أن ينكشف أمرك، فرجائي إليك أن تحتفظ بهذه السلسلة وهذا الصليب، حتى إذا قضي علي تدفعهما إلى صاحبتهما أرمانوسة سرا، وتقول لها أن أركاديوس مات شهيدا.»
فعندما سمع زياد كلامه تعجب عجبا لا مزيد عليه، ولم يفهم معنى هذه الرسالة لعلمه بما بين القبط والروم من عداوة شديدة، فكيف يصل هذا الصليب إليه وهو لأرمانوسة، فأراد أن يستطلع جلية الخبر فقال له: «وما العلاقة بينك وبينها؟»
قال: «هذا ليس لك، ولا هو من شأنك، فقد عاهدتني أن تفعل ما أطلبه منك، وهذا ما أرجوه، فإما أن تفي بالوعد أو تخلفه.»
قال: «أما الخلف فحاش لي أن أرتكبه، ولكنني أريد الإفصاح لعلي أستطيع أن أنقذك من الموت.»
قال: «قلت إنك لا تستطيع ذلك، ثم تقول الآن أنك تفعله! أتهزأ بي؟! دع عنك الوعود وافعل ما أقوله لك.»
Bilinmeyen sayfa