وأما الكلمة فهى ما يدل — مع ما تدل عليه — على زمان، وليس واحد من أجزائه يدل على انفراده، وهى أبدا دليل ما يقال على غيرها — ومعنى قولى أنه [تدل] مع ما تدل عليه تدل على زمان هذا المعنى الذى أنا واصفه: أما قولنا «صحة» فاسم، وأما قولنا «صح» إذا عنينا الآن فكلمة، وذلك أن هذه اللفظة تدل مع ما تدل عليه على أن الصحة قد وجدت للذى قيل فيه إنه «صح» فى الزمان الحاضر. — والكلمة دائما دليل ما يقال على غيره، كأنك قلت ما يقال على الموضوع أو ما يقال فى الموضوع.
وأما قولنا «لا صح»، أو قولنا «لا مرض» فلست أسميه كلمة، فإنه وإن كان يدل، مع ما يدل عليه، على زمان فكان أيضا 〈دالا〉 دائما على شىء، إلا أنه ليس لهذا الصنف اسم موضوع. فلتسم كلمة غير محصلة، وذلك أنها تقال على شىء من الأشياء موجودا كان أو غير موجود على مثال واحد. — وعلى هذا المثال قولنا «صح» الذى يدل به على زمان المضى، أو «يصح » الذى يدل به على الزمان المستأنف، ليس بكلمة، لكن تصريف من تصاريف الكلمة. والفرق بين هذين وبين الكلمة أن الكلمة تدل على الزمان الحاضر، وهذين وما أشبههما تدل على الزمان الذى حوله.
وأقول إن الكلم إذا قيلت على انفرادها فهى تجرى مجرى الأسماء فتدل على شىء، وذلك أن القائل لها يقف بذهنه عليه؛ وإذا سمعه منه السامع قنع به. إلا أنها لا تدل بعد على أن الشىء 〈هو〉 أو ليس هو، فإنه ولا لو قلنا «كان» أو «يكون» دللنا على المعنى. وكذلك قولنا «لم يكن» أو «لا يكون»؛ فلا لو قلنا «إنه» مجردا على حياله، دللنا عليه، وذلك أنه فى نفسه ليس هو شيئا، لكنه يدل مع ما يدل عليه على تركيب ما؛ وهذا التركيب لا سبيل إلى فهمه دون الأشياء المتركبة.
Sayfa 62