الاربعون حديثا :234
وقال علامة علماء الاسلام رضوان الله عليه في شرح هذه الجملة : (وان يكون منزها عن الامراض المنفرة نحو الانبة وسلس الريح والجذام والبرص لأن ذلك كله مما ينفر عنه فيكون منافيا للغرض من البعثة) (1) .
يقول الكاتب : ان درجة النبوة وان كانت تابعة للكمالات النفسية والدرجات الروحانية ، ولا علاقة لها بالجسم . وان النقائص الجسمانية وامراضها لا تسيء الى المقام الروحاني للانبياء . وان الامراض المنفرة لا تقلل شيئا من علو شأنهم وعظمة رتبتهم ، ان لم تؤكد كمالاتهم وتدعم درجاتهم ، كما أشير اليها . ولكن ما ألمح اليه المحققان لا يخلو عن وجه ، لأن عوام الناس لا يفرقون بين المقامات الجسمية والروحية ويحسبون ان النقص الجسماني نتيجة النقص الروحاني او ملازم له ، ويعتبرون ان من عناية الحق سبحانه ان لا يصيب الانبياء اصحاب الشريعة والمبعوثين بالرسالة ، بأمراض تسبب نفرة الطباع واستيحاش الناس . فعدم ابتلائهم لا يكون نتيجة ان هذه المصائب والبلايا تحط من مقام النبوة ، بل لأجل فائدة هي اكمال التبليغ والارشاد . وعليه لا مانع من ابتلاء بعض الانبياء الذين لم يحظوا بالشريعة ، وابتلاء الاولياء الكبار والمؤمنين بمثل هذه المحن . كما كان النبي ايوب والمؤمن حبيب النجار مبتليين . وقد وردت احاديث كثيرة في ابتلاء النبي ايوب عليه السلام :
فمن ذلك ما روي عن تفسير علي بن ابراهيم ، عن ابي بصير ، عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال : «فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه فنفخ فيه ابليس فصار قرحة واحدة من قرنه الى قدمه فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها ارجعي الى موضعك الذي خلقك الله منه ونتن حتى اخرجه اهل القرية من القرية وألقوه في المزبلة خارج القرية» (2) .
وفي الكافي باسناده عن ابي بصير ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : «قلت له : «فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون» . فقال : «يا ابا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه ، قد سلط على ايوب فشوه خلقه ولم يسلط على دينه وقد يسلط من المؤمنين على ابدانهم ولا يسلط على دينهم» (3) .
وباسناده عن ناجية قال : «قلت لابي جعفر عليه السلام : ان المغيرة يقول : ان المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا ولا بكذا ، فقال : ان كان لغافلا عن صاحب ياسين انه كان مكنعا ثم رد الاربعون حديثا :235
Sayfa 234