Arab Thought in the Renaissance Era

Albert Hourani d. 1413 AH
90

Arab Thought in the Renaissance Era

الفكر العربي في عصر النهضة

Yayıncı

دار النهار للنشر بيروت

Türler

إلا أن فضل أستاذه هذا عليه كان أعظم وأوسع مدى. فهو الذي سعى بتعيينه إمامًا لفرقة من فرق الجيش المصري الجديد، ثم إمامًا لأول بعثة رئيسية أرسلها محمد علي للدراسة في باريس. وقد ترك كل من هذين الاختبارين أثره في نفسه. فالجيش الجديد كان نواة مصر الجديدة. وقد بقي الطهطاوي، طيلة عمره، معجبًا بالفضائل العسكرية وبمنجزات جنود محمد علي. لكن تأثير باريس فيه كان أبلغ. فالأعوام الخمسة، من ١٨٢٦ إلى ١٨٣١، التي قضاها هناك كانت أهم أعوام حياته. ومع أنه جاءها كإمام لا كطالب، فقد ألقى بنفسه في خضم الدراسة بحماس ونجاح. فاكتسب معرفة دقيقة باللغة الفرنسية وبمشاكل ترجمتها إلى العربية. وطالع كتبًا في التاريخ القديمة والفلسفة الإغريقية والميثولوجيا والجغرافيا والرياضيات والمنطق، كما قرأ سيرة نابليون وبعض الشعر الفرنسي بما في ذلك راسين، ورسائل اللورد تشسترفيلد إلى ابنه. وكان أهم من هذا كله أنه تعرف إلى شيء من الفكر الفرنسي في القرن الثامن عشر باطلاعه على فولتير وكوندياك و«العقد الاجتماعي» لروسو وأهم مؤلفات مونتسكيو. وهكذا ترك عصر التنور الفرنسي أثرًا دائمًا في تفكيره وفي التفكير المصري بواسطته. نعم، لم تكن بعض أفكار هذا العصر الرئيسية غريبة على من تربى على تراث الفكر السياسي الإسلامي، كالقول بأن الإنسان يحقق نفسه كعضو في المجتمع، وبأن المجتمع الصالح هو الذي يهيمن عليه مبدأ العدل، وبأن غاية الحكم خير المحكومين. أضف إلى ذلك أن نظرة روسو نفسها إلى المشترع، ذلك الإنسان الذي يستنبط بمهارته العقلية الشرائع الصالحة والذي يستطيع التعبير عنها برموز دينية بوسع عامة الشعب فهمها والإقرار بصحتها، لم تخل من بعض التجانس مع أفكار الفلاسفة المسلمين حول طبيعة النبي ورسالته ووظيفته. لكن هناك أيضًا أفكارًا جديدة يمكن تلمس أثرها في كتابات الطهطاوي: كالقول بأن الشعب

1 / 92