Arab Thought in the Renaissance Era

Albert Hourani d. 1413 AH
103

Arab Thought in the Renaissance Era

الفكر العربي في عصر النهضة

Yayıncı

دار النهار للنشر بيروت

Türler

يعطي الطهطاوي فكرة عن امتزاج العناصر في تفكيره. فبينما يروي المجلد الأول تاريخ مصر القديمة، استنادًا إلى مصادر أوروبية حديثة، يسرد الثاني حياة النبي، استنادًا إلى مصادر إسلامية تقليدية، استخدمها بذكاء وبشيء من الروح النقدية. ويقسم الطهطاوي التاريخ، وفقًا للطريقة الغربية الحديثة، إلى قسمين رئيسيين: قديم وحديث. إنما لم يكن الخط الفاصل بينهما، بالنسبة إليه كمسلم، سقوط الإمبراطورية الرومانية، بل ظهور الإسلام. وهو يعتبر هذا الحدث أهم أحداث التاريخ. على أنه يعتقد، برغم ذلك، أن تاريخ ما قبل الإسلام جدير بالدراسة. فمصر جزء من الأمة الإسلامية، لكنها كانت قبلًا، في العصور القديمة والحديثة معًا، أمة منفصلة، تشكل موضوعًا مستقلًا للتفكير التاريخي (٣٢). وهي، على كونها مسلمة، ليست مسلمة على سبيل الحصر، إذ أن جميع من يعيشون في مصر جزء من الجماعة الوطنية. وهنا أيضًا نرى كيف يأتي الاستنتاج عصريًا، بينما تبقى طريقة التفكير تقليدية: فهو يبدأ بالمفهوم الإسلامي للنصارى واليهود «كشعوب محمية» (أهل الذمة)، ثم يدافع عن الموقف الأكثر تساهلًا معهم، ويقول بوجوب منحهم الحرية الدينية الكاملة وبجواز معاشرة المسلمين لهم (٣٣). كانت وطنية الطهطاوي شعورًا شخصيًا حارًا، لا مجرد استنتاج من مبادئ الفلسفة السياسية. فهو يعتز بعظمة مصر الغابرة ويهتم بمستقبلها. وقد كتب عددًا من القصائد الوطنية، مدح فيها الأسرة الحاكمة. إلا أنه كان مدحًا ممزوجًا بمدح مصر القديمة والجيش المصري. ويقال أيضًا، وهذا له مغزاه، إنه ترجم المرسيلياز. فهو إذ كان يستعمل كلمة وطن، كان لا شك يستعملها كمرادف لكلمة «الوطن» الفرنسية، غير أن «وطن» الثورة الفرنسية لم يكن الأمة المتكبرة التي تعبد نفسها، أمة الأيديولوجيات الحديثة، بل الأمة خادم الإنسانية. وهو يعتقد أن مصر الحديثة مؤهلة

1 / 105