Arab Thought in the Renaissance Era
الفكر العربي في عصر النهضة
Yayıncı
دار النهار للنشر بيروت
Türler
يجب أن يكون متصلًا بطبيعة المجتمع ومشاكله، وأن يستهدف تغذية قلوب الصغار بالمشاعر والمبادئ الشائعة في بلدهم (٢٤)، وأن التعليم الابتدائي يجب أن يكون واحدًا وشاملًا للجميع، وأن يكون التعليم الثانوي على مستوى رفيع، وأن يشجع الطلاب عليه، وأن تتعلم البنات كالصبيان، وعلى قدم المساواة. وهو في هذا القول، يعكس الاهتمامات والاتجاهات الجديدة التي تميز بها عصر الخديوي إسماعيل. لقد وضع هذا الكتاب بأمر من وزارة التربية التي طلبت منه أن يكتب شيئًا يصلح لتعليم الصبيان والبنات على حد سواء. وكان الطهطاوي يعتقد أن تعليم البنات ضروري لتحقيق ثلاثة أهداف: الزواج المتجانس، وتربية الأولاد تربية صالحة، وتمكين المرأة من تعاطي العمل أسوة بالرجل، كل في نطاق مؤهلاته، وتجنيب النساء فراغ حياة النميمة في الحريم. ويبدو أن الطهطاوي لم يدع إلى خروج النساء من الخدر والاشتراك في الحياة العامة، مع أنه خصص فصلًا ذا مغزى عن الحاكمات الشهيرات، بمن فيهن كليوباترا. لكنه كان يرغب في أن يعاملن معاملة أحسن ضمن العائلة. أما تعدد الزوجات، فهو لا يعتبره ممنوعًا، غير أنه يقيده بالقول إن الإسلام لم يسمح به إلا شرط أن يعدل الزوج بين زوجاته. وقد أخذ كتاب لاحقون هذه الفكرة وقلبوها إلى تحريم عملي للزواج بأكثر من امرأة (٢٥).
ويرى الطهطاوي أن غاية التربية تكوين الشخصية لا مجرد حشد عقل الطالب بكمية من المعارف، وأنها يجب أن تحمل التلاميذ على تقدير أهمية الصحة الجسدية، والعائلة وواجباتها، والصداقة، وفوق كل ذلك، حب الوطن الذي هو الدافع الأكبر للناس على محاولة بناء مجتمع متمدن. ويكرر الطهطاوي كلمات «الوطن» و«حب الوطن» في «مناهج الألباب» وفي كتابه في التربية. وهو يعدد حقوق المواطنين، وعلى رأسها الحرية، إذ من شأن الحرية وحدها أن تخلق مجتمعًا حقيقيًا وحبًا للوطن قويًا (٢٦). ويبدو أن الطهطاوي
1 / 102