كأنها سن ثوم.
قعدت منه أم إبراهيم مقعد الكلب تتحرك جوارحه كلما تحركت يد صاحبه، تحاول بزفراتها المديدة حث الخوري، وأخيرا هتفت به بلا شعور: ايش كتبت يا معلمي؟ البوسطجي معجل.
فاستمهلها بالخمس اللطاف، وعينه على القرطاس، حتى إذا انهال عليه الوحي تلقاه بلهفة وكتب: سمنجون بنت خالك مثل قلب الصباح، قامتها رمح رديني،
6
وعيونها لوزية، وخدودها مثل التفاح الشامي. صورة بورق يا ولدنا، والمثل يقول: أهلك ولا تهلك.
وزفر الخوري زفرة استهولتها أم إبراهيم، وقرأ ما خربش، فقرعت صدرها داعية بطول عمره، وانكبت على يده الطاهرة تقبلها بحرارة، سحرتها فصاحة الرسالة فضمنت عود ولدها غب اطلاعه عليها، ولكنها استقصرتها، فاستزادته، فكتب: طلاب سمنجون مثل النمل، الناس تقصدها من بني وبني ... وأنا أصبحها وأمسيها. احضر حالا حالا حالا، المرأة حاجة الدهر، والإنسان لا يجدها كل ساعة، يكفيك ما جمعت، ولمن تجمع إذا مت بلا عقب؟ - يا أم براهين، عجلي، البسطجي رائح.
وغلف الخوري الرسالة، فصرخت أم إبراهيم: لا يا معلمي، لا. ونتشتها من يده وأخذت تحرق أطرافها بسيكارة الخوري.
وبعدما ابتعدت بها خطوات تذكرت أنها لم تقبل يده شاكرة، فانفتلت صوبه، ثم أدركت حرج الموقف، فاعتذرت من بعيد وهرولت.
وبعد أشهر خف إخوة إبراهيم وبنو عمه إلى ميناء بيروت ليستقبلوه، وزحف من بقي في الضيعة من أحياء إلى دكان على مفرق الطرق، يحسبه الرائي منطرة،
7
Bilinmeyen sayfa