وامتلأ البيت ناسا، فأبو جبرايل ذاهب إلى البندر
14
ليتقمش لابنه العريس، فأسعار دكان الصليب غالية، والمثل يقول: رح إلى البندر وتغندر. عرس جبرايل بعد يومين، والطحنة الكبيرة التي نقتها أم جبرايل بمعونة جاراتها هي لتلك المعركة الطاحنة التي سيكون لها ما بعدها.
وشرع الساهرون يكلفون أبا جبرايل قضاء حوائجهم من المدينة، وهو يتقبل طلباتهم ببشاشة ولطف. يقول لهذا: «تكرم»، ولذاك: «بسملله»، ولتلك: «من عيني». وكلف بشراء بابوج للشبينة،
15
فأجاب بقوة العادة: «على راسي». فابتسم الكهول، وقهقه الشباب، فانتفض، ولكنه لم يقل كلمة احتراما لبيته.
وجرى حديث التموين، فعيد السيدة (15 آب) ميزان الأسعار عندهم، والمثل يقول: لا يرخص في الشتاء غير الماء. التموين واجب، وهم قادرون، فموسم الحرير كان مقبلا، والعنب طيب، والتبغ جيد، والزيتون ممتاز، لا يبقى غير الحبة، ولا يسد هذا العجز بأرخص الأسعار غير البترون، فكلفوا أم جبرايل درس حالة السوق، وتذمروا من كثرة الزنابير، فقال أحدهم: سنة حشرات، الحيات بحر. وانساق الحديث فطال، حديث حيات ... ثم انتقلوا إلى حديث الجن فقال واحد: يا بو جبرايل، إياك أن تنسى، توق جن شير بنور، فوعة
16
جن في هذه الأيام ما لها دين.
فهز لحود برأسه وقال: عمك عم يا ملخم، أنا أبو جبرايل.
Bilinmeyen sayfa