قال أئمتنا عليهم السلام: ويحسن الانتفاع بما لا ضرر فيه على أحد مما لم يرد فيه حكم شرعي من الأشياء، والحجة عدم حكم العقلاء بمدح، أو ذم أو ثواب أو عقاب من استظل تحت شجرة، أو تنفس في الهواء، أو مشى في الفضاء، فوجب القول بحسنه لما مر من أن الحسن ما لا عقاب عليه، وللقطع بحسن الإحسان ونعلمه ضرورة من غير فرق؛ ولأنه خلاف في حسن ما يضطر إليه الإنسان كالشرب من الماء الجاري عند العطش، ونحو ذلك مما تدعو إليه الضرورة فكذلك سائر المنافع بعلة أنها منفعة لا مضرة فيها على أحد، وأيضا لا بد في خلقها من غرض، وإلا لكان عبثا ولا يجوز عود الغرض على الباري تعالى؛ لاستحالة الضرر والنفع عليه فتعين عوده علينا، ولا يجوز أن يكون ضررا؛ لأنا لا نعلم في تناولها ضررا، بل نفعا عظيما، ولو ضرت فضررها إنما يكون بتناولها وفي ذلك إباحتها، ثم إنه تعالى لا يفعل الضرر ولا يريده لغير المستحق؛ لتعاليه عن الظلم، فتعين أن غرضه تعالى انتفاعنا بها للتنعم، ولا يتم ذلك إلا بتناولها وفي ذلك إباحتها.
Sayfa 4