[الفائدة الثالثة عشرة: فيما يعلم بالدليل]
ما يعلم بالدليل أنواع:
أحدهما: ما لا يعلم إلا بالعقل، وهو ما توقفت صحة الشرع على العلم به، كإثبات الصانع وصفاته من كونه قادرا، عالما، حيا، غنيا، عدلا، حكيما؛ إذ ما عدا معرفة ذلك موقوف على العلم به، ولا يصح الاستدلال بفرع الشيء على أصله، ألا ترى أن الكتاب لا يكون حجة إلا إذا ثبت أنه كلام ذلك العدل الحكيم، والسنة لا تكون حجة إلا بعد ثبوت أنها سنة رسول ذلك العدل الحكيم، والإجماع والقياس يرجعان إلى الكتاب والسنة، ولا شك أن ذلك كله فرع على معرفة الله وعدله وحكمته، ولا يصح الاستدلال على ذلك بالسمع، ذكره السيد مانكديم وهو ظاهر قول سائر العترة، إلا أنه يصح الاستدلال على إثبات الباري تعالى بالآيات المثيرة لدفائن العقول عند أئمتنا، ومعنى ذلك أنا نبين وجه دلالتها على المطلوب بما يستخرج منها من الطرق العقلية؛ لأنها منبهة على أقوى طرق الفكر الموصل إلى العلم بالمطلوب؛ فهي دليل بالتدريج، إذ دلت على أقوى طرق الفكر، والفكر دليل عليه جل وعلا، كما يستدل بصحة الفعل على كونه قادرا، وبكونه قادرا على كونه حيا.
ومن كلام علي عليه السلام: (فبعث إليهم رسله، وواتر إليهم أنبيائه؛ ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم الآيات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعائش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم)، رواه في النهج. وهو نص في ذلك.
Sayfa 1