قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «رأيت ربي في أحسن صورة، فقال لي: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ؟ فقلت: لا يا رب، فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما في السماوات والأرض، فقلت: يا رب في الدرجات والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فقلت: يا رب، إنك اتخذت إبراهيم خليلا، وكلمات موسى تكليما، وفعلت وفعلت، فقال: ألم نشرح لك صدرك، ألم أضع عنك وزرك، ألم أفعل بك، ألم أفعل؟ قال: فأفضي إلي بأشياء لم يؤذن لي أن أحدثكموها، قال:
فذلك قوله في كتابه: ثم دنا إلى قوله: ما رأى [النجم: 8: 11]، فجعل نور بصري في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي (1)».
أورده ابن كثير في تفسيره وقال: إسناده ضعيف، والسيوطي في الدر المنثور.
وحديث معاذ أخرجه أيضا من طريق جهضم بن عبد الله بالسند السابق أحمد في مسنده، وذلك بنحو من رواية الترمذي هذه، وفيه أيضا: «فتجلى لي كل شيء وعرفت»، ومن عنده أورده ابن كثير في تفسيره.
وقال عقبه: هو حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة فقد غلط، وهو في السنن من طرق، قال: وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به، وقال: حسن صحيح انتهى.
قلت: وبكون الرؤية هنا منامية يرتفع إشكال قوله: «في أحسن صورة»؛ لأن الرائي قد يرى غير المتشكل متشكلا، والمتشكل بغير شكله، على أن الصوفية (رضوان الله عليهم) ذكروا أن الحق تعالى يتجلى لخلقه على طريق التنزل منهم إليهم في الصور كلها من غير حلول، ولا كيفية، ولا تغير عما هو عليه في ذاته العلية من التنزيه، وعدم المثلية، مستدلين على ذلك زيادة على ما كوشفوا به منه بأدلة نقلية.
وفي المرقاة لعلي القاري الحنفي قال: سمعت شيخنا الشيخ عطية السلمي ناقلا عن شيخه أبي الحسن البكري أن لله تعالى تجليات صورية مع تنزه ذاته الأحدية عن المثلية،
Sayfa 89