ظلموا الرعية واستجازوا كيدها
فعدوا مصالحها وهم أجراؤها
فرقا شعرت بأنها لا تقتني
خيرا وأن شرارها شعراؤها
أريد من شعراء القرن العشرين أن يتمثلوا في هذه الأيام بشاعر القرن الحادي عشر، شاعرنا الأكبر المعري، وأريد منهم أن يستقوا من ينبوع حكمته الصافي، فلا يملأون البلاد ضجا وقرقعة إذا هم أحسنوا مرة إلى المجتمع في نظرهم بإحسانه إليهم، وهل جاء أحد الفلاسفة أو الشعراء بأسمى من هذه الحكمة، وبأبسط وأبلغ من الصورة فيها، وهي من ينبوع من كانت حياته بؤسا وألما على الدوام؟ فهو القائل:
والغيث أهنؤه الذي
يهمي وليس له رعود
وهذا الشاعر الفيلسوف المتألم، الذي عرف الحياة «جاهمة سوادء قبيحة ظالمة ...» لا يعبس دائما ولا يتجهم، فإن له في مزاجه شتى المزايا الطيبة فيجيد ماجنا، كما يجيد ناقما، أو واصفا، أو متأملا مفكرا، وهاكه يمزج الحقيقة بالتهكم واليأس بالأمل:
عرفت سجايا الدهر، أما شروره
فنقد، وأما خيره فوعود
Bilinmeyen sayfa