ولما أهلك الله قوم هود ﵇ وهم قوم عاد لَحِق بولده ومن آمن معه بمكَّة، فلم يزل بها إلى أن مات. وكان ابنُه قَحطان ممن آمن به، وهو أبو اليمن كلها، وكان من المؤمنين. وقال في ذلك تُبَّع الأسعَد، وهو أبو كَرِب الحَميري: إنا قَحطان قحطان الهدى وأبو قحطان هود ذو الخفف
المهدي نُوحُ جَدنانِسبة معروفة لا تختلف
وكان قحطان بن هود أول من ملك اليمن. وأول من سُلم عليه بأبيت الَّلعن، ى ولده اليمن حين تيامنوا إليها ونزلوا بها.
ولما انقرض قومُ عاد الذين كان المُلك فيهم، ولم يبق لهم نسل تحول المُلك هم في بني عَمَّهم قحطان بن هود وولده. وكان بنو عمهم ثَمُود بن عاد بن إرم سام بن نوح مُلوكًا من تحت أيديهم، وكانت منازلهم الحِجر ما بين الحجاز والشام، يقول الله جل ثناؤه يذكر عن نبيهم صالح حين حَذَّر قومه العذاب) وأذُكُروا إذ جَعَلَكم مِن بَعدِ عَادٍ وَبَوَّأكم في الأرض تتّضخذون مِن سُهولها، وتَنحون الجِبَاَل بُيُوتًا (. وهو قوله) وَثَمُود الّذِينَ جَابوا الصَّخرَ (. وقال) وَلَقَد كَذَّب أصحابُ الحِجر المُرسلين (وقال) كذَّبت ثَمُودٌ المُرسلين إذ قَال لَهم أخُوهُم صَاِلحٌ الا تَتَّقُونَ (.
فأهلكهم الله بالصيحة يقول الله جل وعز) وأنَّهُ أهلك عَاَدًا الأولى وَثَمُودا فَما أبقى (.
يدل بهذه الأية أن القوم قد انقرضوا، وقد قال قوم: إن قبائل من العرب من بقيَّتهم ثقيف وظفار.
ولما أهلك الله قوم ثمود بعقرهم النّاقة وانقرضوا، ثبت المُلكُ من بعدهم ورجع إلى قحطان بن هود وولده، وسكنوا اليمن.
ومن ولد إرم بن سام بن نوح ماش بن إرم، ونزل بأرض بابل، فمن ولده نُمرُود بن كنعان بن ماش ابن إرم صاحب إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، وهو الذي بنى الصَّرح ببابل، وملك خمسمائة سنة، وفي زمانه فَرَّق الله الألسنة، فجعل في ولد سام تسعة عشر لسانا، وفي ولد حام سبعة عشر لسانا، وفي ولد يافث ستة وثلاثين لسانا. هذا عن ابن قتيبة، وهو قول وَهب بن مُنبه وقال غيره إن نُمرُود بن كنعان بن كوش بن حام، وهو قول ابن عباس. والله أعلم. وفي زمانه فَرق الله الألسنة، وذلك أنه دعا الناس إلى عبادة الأوثان. وكانوا على الإسلام، وهم ببابل - ففعلوا فأجابوه، فأمسوا وكلامهم السُّريَانية، ثم أصبحوا قد بَدَّل الله ألسنتهم، فجعل لا يعرف بعضُهم كلام بعض، فصار لبني سام ثمانية عشر لسانا، ولبني حام ثمانية عشرين لسانا، ولبني يافث ستة وثلاثون لسانا. وفهم الله العربية قحطان بن هود.
ويقال إن النبط من ولد ساروج بن أرعوا بن فالغ بن فالج بن سام بن نوح، وإن نُمرُود هو أخو ساروج بن أرعوا. قال بن قُتَيبَة: وسموا النبط نبطا لإنباطهم المياه، وهم أول من أنبط الأنهار، وغرس الأشجار، وغمروا الأرض، وهم اهل البيت وأدنى العراق، ومنهم بُختُ نَصَّر، ويقال هو بُختُ نَصَّر بن تنوذ بن أدان بن سَحَاريت بن دَاريَاس، من ولد نُمرُود بن كنعان. والله أعلم.
ويقال إن النبط من بني نبيط بن ماش بن إرم إبن سام بن نوح. قال ابن قُتيبة ويقال إن النبط سُموا نبطا لإنباطهم المياه.
ذكر لاوذ بن سام وولده
ونكح لاوذ بن سام بن نوح شبكة بنت يافث، فولدت له فارس، وجرجان، وأجناس الفرس. وولد لاوذ مع فارس: طَسم، وجَدِيس، وعِمليق. ولا أدري أهؤلاء لأم الفرس أم الا، فعمليق أبو العماليق، كلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان منزل عِملِيق الحَرَم وأكناف مكة، ولحق بعضُ وِلده بالشام، فمنهم كانت العماليق الذين قاتلهم مُوسى ببني إسرائيل، ومن العماليق الَفرَاعِنة بمصر، منهم فِرعون يُوسف واسمه الرّيان بن اللوليد بن ثروان بن راشة بن قاران بن عمرو بن عِمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح.
ومنهم قابوس بن المصعب بن معاوية بن نُمير السلواس بن قاران ابن عمرو بن عِمليق بن لاوذ بن إرم سام بن نوح. وكلاهما كانا في أيّام يوسف.
ومن ولد الرّيان آسية بنت مَّزاحم بن عبيد امرأة فرعون موسى.
ومنهم معاوية بن عمرو بن لاوذ بن بكر ابن شييم بن سكير بن هليل بن عمرو بن عمليق بن لاوذ صاحب الحَرادَتين، جاريتين كانتا له للأستسقاء.
1 / 26