قال الذهبي: أوضح شيء في هذا الباب قوله عز وجل :(الرحمن على العرش استوى)[طه:5]. فليمر كما جاء، كما هو معلوم من مذهب السلف، وينهى الشخص عن المراقبة والجدال، وتأويلات المعتزلة، (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول)[آل عمران:53].
قول الخطيب البغدادي (392ه - 463ه):
قال الحافظ أبوبكر الخطيب : أما الكلام في الصفات ، فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها. وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف . والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه . والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله . فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
...فإذا قلنا : لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ، ولا نقول : إن معنى اليد القدرة ، ولا إن معنى السمع والبصر العلم ، ولا نقول إنها جوارح ، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ، ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله :(ليس كمثله شيء) [الشورى:11] (ولم يكن له كفؤا أحدا) [الإخلاص:4]. (18/287-288).
السلف يكرهون الكلام والجدل :
قال عبد الله بن أحمد : مات أبوبكر الأعين في سنة 240ه فترحم عليه أبي ، وقال : إني لأغبطه ، مات وما يعرف إلا الحديث. لم يكن صاحب كلام.
قال الذهبي : هكذا كان السلف لا يرون الدخول في الكلام ولا الجدال، بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة والتفقه فيهما، ويتبعون ولا يتنطعون (12/120).
فتوى ابن الصلاح في الفلسفة والمنطق:
Sayfa 16