قالت: إذن كن صاحب لقب وعنوان ...
قلت: كلا ... سيعرفني العالم والأديب، وسأصعد في هذه السماء صعودا حيث تزحف الألقاب والعناوين.
قالت: إذن كن صاحب منصب، كن صاحب أحساب وأنساب، كن شيئا في طريقي، ولك المسعدة مني بعد ذلك في كل طريق.
قلت: سأمضي في كل طريق أريد المضي فيه، ولا حاجة بي إليك.
ثم دارت الأيام، والتقيت بالأصنام.
قالت في شماتة وهي تتساءل: كيف الحال؟
قلت: عال ... أنت تعلمين على الأقل أنني لم أدفع الجزية المفروضة، وأنت تعلمين على الأقل أنني لم أخسر شيئا يعنيني.
قالت: نعم ... ولكنك تعبت كثيرا، وخرجت آخر المطاف بسمعة الكبرياء والجفاء ...
قلت: يغفر الله لك أيتها الأصنام! أتعنين السمعة على الألسنة، والإشاعة في المجالس، وسوء القالة بين الفارغين؟! هذه أيضا صنم من الأصنام التي لا أعرف لها جزية تؤدى، فاكتبي جزيتها وجزيتك في حساب واحد، وانتظري بالأجل إلى يوم الدين!
ولا عجب أن تغضب الأصنام غضبتها التي تضيق بها اللحوم والدماء، ولكن العجب أن يغضب عبادها المساكين الذين لا يظفرون منها بطائل، وأعجب منه أن يغضب عبادها الحانقون عليها المتلهفون على الخلاص منها؛ لأنهم نسوا هذا، وأصبحوا يذكرون أن واحدا أفلح حيث يفشلون، فلماذا تمرد فاستطاع وهم يتمردون فلا يستطيعون؟!
Bilinmeyen sayfa