نحمد من السبعين أنها تعطينا الرغبة على قدر الطاقة، وأنها تعطينا الرغبة ومعها لجامها الصغير، تشد عليه إذا خطر لها أنها في حاجة إليه.
ونحمد منها أنها تعودنا الاستغناء عما يلزم وما لا يلزم ... فليس في السبعين من ضروري لا غنى عنه، حتى الحياة، وحتى المجد، حتى الخلود! ...
ونحمد منها أنها تعوضنا بالخبرة عن القوة، بل تعوضنا بالخبرة عن الوقت الثمين وهو مادة الحياة.
فإذا احتجنا في العشرين إلى عشرين سنة لنعرف إنسانا نصاحبه، فحسبنا في السبعين عشرون ساعة لنعرف ذلك الإنسان غاية المعرفة التي تتاح للإنسان، بل حسبنا كلمة نسمعها منه أو نسمعها عنه لنستغني بها عن الزمن الطويل في عشرته، وندخله في زمرة السواد التي تشمل كل بني آدم وحواء، كما قال أبو العلاء:
وما العلماء والجهال إلا
قريب حين تنظر عن قريب
وإذا كان ابن السبعين ممن يقرأون ويكتبون فحسبه عشرون سطرا من كتاب ليعرف ما هو الكتاب في الجوهر واللباب، ويعود إلى ما شاء من أبوابه أو يقنع منه إذا شاء بهذا الباب بعد ذلك الباب.
وفي السبعين جديدها الذي لا تشتهيه - الأنفس - ولكنه جديد يذهب بسآمة التكرار، فابن الأربعين يتبدل نظاما للمعيشة أو نظاما للصحة سنوات بعد سنوات. •••
إذا تغير نظام المعيشة عنده في الثلاثين لم يسأل عن نظام جديد قبل الأربعين أو الخمسين، وإذا تغير نظام المعيشة عنده في هذه السن، فلعله لا يسأل عن غيره قبل الخامسة والخمسين أو السادسة والخمسين، أو الستين ...
أما نظام الستين فما هو بصالح للحادية والستين إلا بشق الأنفس، وتعب الرأس، وجهد الطب والصيدلة، ودع عنك الخامسة والستين والسبعين وما فوق السبعين.
Bilinmeyen sayfa