الهجوم على القرآن وإنكار مصدره الإلهي، والحديث عن أسطورة الوجود الأزلي القديم في اللوح المحفوظ.
إنكار مبدأ أن الله، سبحانه وتعالى، هو الخالق لكل شيء، وأنه هو العلة الأولى، وإنكار الغيب.
الدفاع عن الماركسية والعلمانية؛ الفكر الغارب، ونفي صفة الإلحاد عنهما.
الدفاع عن «سلمان رشدي» وروايته «آيات شيطانية».
وبينت كيف يخرج «شاهين» الفقرات عن سياقها ليعطيها معاني أخرى من أجل التشويه، وأنه لا بد من التفرقة بين الدين والفكر الديني؛ فالدين هو المرسل من الله، لكن كل محاولة لفهمه أو دراسته واستنباط أحكام منه هي خطاب بشري ليس له قداسة الدين. هناك فارق بين نصوص القرآن وكل سعي إلى تأويل أو تفسير وفهم تلك النصوص، بل أتيت بما كتب «شاهين» نفسه عام ستة وستين في رسالته للدكتوراه الصادرة عن دار القلم «تاريخ القرآن»، عن مسألة الأحرف السبعة في قراءة القرآن، وبين ما يقوله الآن. ونقدت كل انتقاداتهم، ولن أكف أبدا عن النقد حتى تنجلي الظلمة عن العقل وتنفتح نوافذه للنور.
10
كان للتغطية الإعلامية الواسعة، ورد فعل كثير من الكتاب المصريين الذين تداعوا للمشاركة كرد فعل على تناول الإعلام الغربي للقضية، ومنهم الكاتب «جلال كشك» من أمريكا، فكتب عدة مقالات في مجلة «أكتوبر» في الأعداد الرابع عشر والواحد والعشرين من نوفمبر، ظل يدور ويجول على خطأ مطبعي عن علاقة «الإمام الشافعي» بالأمويين. وفي الخامس من ديسمبر يتهمني بدور لي في رفع القضية. ولم يتناول جهاز الإعلام الحكومي من إذاعة وتليفزيون القضية، وأعرض عنها، إلا أن إذاعة صوت أمريكا أجرت اتصالا تليفونيا بي لمناقشة الموضوع في وجود «جلال كشك» الذي ظل يدور ويجول على خطأ مطبعي عن علاقة «الإمام الشافعي» بالأمويين، وخلال الجدل اعتذر المذيع؛ لأن الأستاذ «جلال» توفاه الله في أمريكا، حيث كان يقيم، أثناء النقاش.
أجرت معي الكاتبة الصحفية «عبلة الرويني» حوارا طويلا نشرته مجلة «القاهرة» في عدد شهر نوفمبر، عن مشواري في الحياة وجهودي البحثية، وحاولت إيضاح مسألة قدسية النص وتاريخيته، وأن مصدره الإلهي لا يتنافى مع كونه رسالة من الله للبشر باللغة العربية. ونشرت مقالا شهريا بمجلة «أدب ونقد» تحت عنوان «خطاب الحرية»، بدأته بمقال في عدد شهر ديسمبر «ضد الكتابة المذعنة»، أناقش فيها التكفير الذي ينضح به كتاب تلميذ عبد الصبور شاهين والبلتاجي «إسماعيل سالم»، في كتابه الذي يوزع مجانا بالجامعة، «نقد مطاعن نصر أبو زيد في القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين»، وكيف يعتقد أنه يمتلك الحقيقة، بل ويتحدث باسم الذات الإلهية، وخلطه بين مناداتي بالتحرر من سلطة النصوص؛ السلطة التي يفرضونها في غير ما أنزل الله، وبين «التحرر من النصوص» التي لم أقل بها أبدا، لكنه السعي إلى التشويه من أجل الإقصاء والاستبعاد وإسكات صوتي. شاغلهم الأساسي هو الضجة الإعلامية التي قامت حول حرية البحث العلمي، والتي تختلف عن نمط تفكيره الذي تعود عليه من الإذعان والتسليم بسلطة الأكبر سنا والأعلى درجة ووظيفة؛ سعيا منه إلى الأستاذية.
قبل جلسة المحكمة، وفي يوم الثلاثاء الرابع عشر من ديسمبر، في مقاله الأسبوعي بجريدة «الأهرام»، كتب «فهمي هويدي» مرة أخرى مقالا بعنوان «عبرة أبو زيد الأول»، يعرض فيه قضية الأستاذ «محمد أبو زيد» الذي رفعت ضده قضية حسبة للتفريق بينه وبين زوجته، أمام محكمة دمنهور الجزئية، وذلك عن آرائه في آدم، عليه السلام، وحكمت المحكمة بالتفريق، ولكن محكمة الاستئناف ألغت الحكم، وكتب القاضي: «أخجلتمونا أمام الناس أعظم خجل؛ فالإفرنج مشغولون بما يفيدهم وأنتم مشغولون بما لا يفيد.» وكأن «هويدي» يعتب على من رفعوا القضية، وأشار إلى عدم نقل الخلافات الفكرية إلى ساحة القضاء، والابتعاد بالقضاء عن وضعه في وضع الانخراط في تحيزات فكرية أو سياسية. فتعجبت من موقفه الآن.
جلسة المحكمة الخميس السادس عشر من ديسمبر، كانت جلسة المرافعة الأخيرة، نظر القاضي ثلاثة وأربعين قضية، وكانت قضية «أبو زيد» هي الأخيرة، واستمر النظر فيها أضعاف الوقت المستغرق في القضايا الأخرى؛ فهي القضية الوحيدة في الأحوال الشخصية التي يرفعها رجل ضد آخر. وقدم رافع الدعوى «صميدة عبد الصمد» مذكرة بدفوعه عن الجلسة السابقة، وطالب بأن يقدم الأزهر مستندات لديه؛ لأن شيخ الأزهر منوط به المحافظة على الدعوة الإسلامية. وقدم المحامي «رشاد سلام»، الحاضر عن «أبو زيد»، مذكرة دفاع، ودافع ببطلان حضور المدعين للجلسات لانتهاء دورهم برفع الدعوى؛ فهم ليسوا خصوما، لكن النيابة العامة هي الخصم في دعوى الحسبة؛ وعلى ذلك يكون طلبهم - بإدخال الأزهر طرفا - باطلا؛ لأنهم لا يملكون هذا الحق، وطالب برد كل طلباتهم؛ لأنهم لا صفة لهم في الدعوى، وطالب برد الدعوى، وشاركه بقية هيئة الدفاع في ذلك. وقدمت المحامية «أميرة بهي الدين» الحاضرة عن زوجتي مذكرة تطالب برد الدعوى، وكذلك الأستاذة «تهاني الجبالي»، والأستاذ «أحمد سيف الإسلام حمد». وقدم الدفاع خطاب مجلس قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة إلى رئيس الجامعة برفضه قرار اللجنة وتقرير القسم وتقرير مجلس كلية الآداب. وحجزت القضية للنطق بالحكم.
Bilinmeyen sayfa