المغربي :
أنا يا سيدي التاجر رجل من أغنياء المغرب، حبب الله إلي السياحة في أرضه، أجوب مذ كنت البر وأرفع شراع البحر، إلى أن دفعتني الأسفار منذ أيام على مدينتكم هذه إشبيلية الغناء، وكنت سمعت عنها وقرأت الشيء الكثير، فلما نزلتها ودخلت في مواضعها وخرجت ملأت نفسي وشغلت خاطري، فاعتزمت أن أجعلها قراري وملقى عصاي في رحلة الأيام.
أبو الحسن :
ما أسعد إشبيلية يا سيدي بابنها الجديد البار.
المغربي :
مهلا يا سيدي التاجر وخذ الحديث إلى آخره، لم يبق في نفسي من هوى الأسفار إلا جولة أجولها فيما وراء هذا الأندلس من ممالك للفرنجة وديار، فإذا كتب الله لي السلامة أتيت هذه المدينة فاتخذتها وطنا وديارا.
التاجر أبو الحسن :
مشيعا بالسلامة والكرامة.
المغربي :
ولكني مزمع سفرا، وما يدري المسافر ما وراء الغربة من الفجاءات، وما تدري نفس بأي أرض تموت، ومعي يا سيدي من كريم الجوهر ونادره ما أخشى عليه السرقة أو الضياع، وأنا منقطع الوارث لا أهل ينتظرونني ولا ولد، ولقد مررت بدارك هذه مرارا فكنت كلما زدتها تأملا زادتني بهجة وروعة، حتى حدثتني النفس بشرائها.
Bilinmeyen sayfa