Amir Cumar Tusun
الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله
Türler
وما مات من نبل الرجال وفضلهم
يحيا لدى التاريخ وهو عظام!
الأمير عمر والصحافة
وكان الأمير عمر - رحمه الله - يحب الصحافة ورجالها، ويقدر خدماتهم العظيمة للبلاد، وكانت له بأقطاب العاملين في بلاط صاحبة الجلالة صلات وثيقة، فكان لا يبخل على صحفي يقصده للاستئناس برأيه في معضلة من المعضلات السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية بالرأي الناضج ينادي به من فوق هذا المنبر المسموع. ولم يكن ممن يعتبرون أسئلة الصحفيين إزعاجا لهم، فهو - طوال حياته العظيمة - كان مؤمنا بأن الصحافة مدرسة الشعوب، وأن هدفها هو الخير العام. وكان يستخدم الصحف في ترويج آرائه الإنسانية العالية، داعيا على الدوام أبناء الوطن إلى الاتحاد، ونبذ الاختلافات، ناصحا بأن ينصهر كل فريق من الأمة في كيان الوطن المصري الخالد. وكان الصحفيون يرحبون بآرائه وينشرونها بحفاوة عظيمة، حتى أولئك الذين كانوا يخالفونه في الرأي والنزعات ، كانوا يرتاحون إلى جهاده، ويعتقدون بإخلاصه في كل ما يصدر عنه. ولا غرو فسموه كان على الدوام فصيحا، أنيق البيان، منطقيا معتدلا، شديد الاتزان، هدفه مصلحة الكل وخير البلاد.
وإنا لنورد هنا ما ذكره الأستاذ توفيق دياب عن سموه في هذه الصدد. ومنه يتضح أن الأمير كان على الدوام يستجيب لكل دعوة تنهض بترويجها صحيفة من الصحف، وكانت الصحف تجد في تعضيد سموه لدعوتها قوة توطد أساسها أمام الرأي العام، كما كان سموه يقصد بهذا التأييد أن يعبر به عن تقديره للصحافة، وتعزيزه لما ترمي إلى تحقيقه من الغايات النبيلة؛ لإيمانه الوثيق بأنها لا تهدف إلا إلى الخير والمصلحة العامة.
وفيما يلي نص ما قاله الأستاذ دياب:
في أوائل عهد الوزارة النسيمية علمت جريدة «الجهاد» أن الفقر في مدينة الرسول قد بلغ مبلغ المجاعة، فرفع الجهاد صوته بدعوة المحسنين إلى الإحسان هنالك، وبادرت الوزارة إلى فتح اعتماد قدره ثلاثون ألفا من الجنيهات اشترت بها قمحا أرسلته إلى الحجاز لإنقاذ الجياع من الهلاك؛ وهنالك تبرع الجمهور بأكثر من ثمانية آلاف من الجنيهات كانت تحول أولا فأولا إلى بنك مصر باسم فقراء المدينة.
وحظيت بلقاء الأمير، فرجوت منه التفضل بأن يرى رأيه في توزيع ذلك المال على مستحقيه من أهل المدينة المنورة، فما كان أسرع ما أمر بإضافة خمسمائة من الجنيهات إلى ما جمع «الجهاد»، وتفضل فدعا إلى تأليف لجنة برياسته كان أعضاؤها فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي والمرحومين طلعت حرب باشا، ومدكور باشا، والسيد المجددي، ومحمد بدوي بك، وإليه يرجع الفضل في إبلاغ الجهاد مأساة المدينة وكاتب هذه الكلمات.
وصح رأي اللجنة على إبقاء المبلغ مودعا في بنك مصر حتى يدرس المرحوم طلعت باشا خير الوجوه التي ينفق فيها ذلك المال برا بأهل المدينة، ولكن عن طريق الاستثمار لا عن طريق التوزيع.
ولست أدري ما انتهى إليه العمل بعد ذلك، وإنما أدري أن الأمير الراحل كان حريصا على استغلال المبلغ المودع لنفع الفقراء من جيران الرسول ؛ حرصه المشهور على البر والإحسان في كل عمل تولاه.
Bilinmeyen sayfa