Amir Cumar Tusun
الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله
Türler
ولو صورت نفسك لم تزدها
على ما فيك من كرم الطباع!
أجل! فإن كل ما كان يتحلى به سموه من الصفات الجميلة والفضائل الرفيعة جعلت حياته العامرة بالأمجاد قصيدة كل ما فيها طريف سام، محبب إلى النفوس، وخلقت له فوق الحياة حياة!
وليس أعظم في صفات الأمير من دعته، ورقة جانبه، وديمقراطيته العظيمة. فكان دائما يتواضع عن رفعة، كما يعفو عند المقدرة، وينصف حين يجد الحق في جانب الضعيف ويكاد القوي يسلبه منه من غير جدارة!
كما كان سموه مثالا للإنساني الصحيح، فهو أول أمير عزف عن الكثير من ملذات الحياة الفانية، ورغب عن الاسترخاء والرفاهية، وغيرهما من مظاهر النعمة الشائعة عند الأغنياء والطبقات الأرستقراطية، إلى جانب حبه للمسالمة؛ فإذا تسامع عن خصومة سارع إلى أن يسوي بين المتنازعين، ويقرب بين المتباعدين، مطاوعا في ذلك ما فطرت عليه نفسه المحبة للسلام!
كان الأمير عمر صديقا وفيا، الإخلاص في دمه، والوفاء في طبعه، يرعى عهود المودة؛ ويحرص على تأدية الواجبات الاجتماعية والمجاملات نحو معارفه في كل مكان، في الضراء والسراء على السواء؛ ولهذا كانت له مكانته البارزة في نفوس الجميع - مصريين وشرقيين وأوربيين - وفي ذلك لم يكن له نظير بين العظماء في أرجاء العالم!
ديمقراطية الأمير الشعبي!
وأبلغ ما يوصف به الأمير عمر أنه كان أمير شعبيا. فكان دائما قبلة أنظار الشعب المصري، وملء الأسماع والأبصار والقلوب لدى جميع طبقات الأمة، من عمال وفلاحين وموظفين. وفي ذلك يقول عنه الأستاذ توفيق دياب: «كان شعبي الإحساس، قومي المساعي، وطني البواعث، شرقي الهدف، وكانت مبادئه شرقية إسلامية، ولكن في غير نسيان لأفق الإنسانية العليا التي تظلل سماؤها - أو يجب أن تظلل - شتى الأديان والأمم!
لذلك أجمع على محبته أبناء الوادي بشطريه، مصر والسودان، وعلى إجلاله المواطنون والأجانب في هذه الديار، والشرقيون والغربيون في كل مكان ترامت إليه أفضال الأمير.
في هبة مصر إلى استقلالها، وفي فزعة تركيا بطرابلس لحماية ذمارها، وفي توثيق عرى الوحدة السياسية والاقتصادية والأدبية بين مصر والسودان، وفي مقاومة الحبشة العزلاء لإيطاليا المدججة؛ كان للأمير الراحل صوت مسموع، وعلم مرفوع، يتقدم به اليوم أبيض الوجه بين يدي الله.
Bilinmeyen sayfa