فأشار إليها أن تقعد وقال: «ماذا تريدين؟»
قالت: «لا نصيب فينا للفتى الذي تشير إليه، وأنت تعرف السبب، والموت أيسر علينا من إجابة طلبه. وإنما أتقدم إليك أن ترشدنا بعلمك إلى أمر يهمنا.» قال: «وما ذلك؟»
قالت: «أضعنا عونا كبيرا خلفه لنا بهزاد عند سفره، وهو الذي أوصل كتابه إلى ميمونة، ثم لم نعد نراه ولا نعرف مكانه، فهل تكشف لنا خبره بالمندل؟»
فضحك وقال: «أظنك تبحثين عن سلمان؟» قالت: «نعم.»
قال: «إن الوزير سألني عنه أيضا.»
فقالت عبادة: «وهل هو في بغداد؟» قال: «نعم، إنه في هذا القصر.»
فبغتت ميمونة وقالت: «في هذا القصر؟» قال: «وفي هذه الغرفة.»
وأحست عبادة عند ذلك كأن غشاوة انكشفت عن عينيها وتذكرت ميمونة صوت سلمان فصاحت: «سلمان؟ سلمان؟»
فقال: «لا ترفعي صوتك، نعم أنا سلمان، أنا رئيس المنجمين!»
ولم تستطع الإمساك عن الضحك وبان البشر في وجهها وخفق قلبها وأحست كأنها لقيت حبيبها بهزاد لأملها في الاطلاع على أخباره، فلم تعد تعرف كيف تسأل سلمان وتستفهمه، وأرادت التكلم فتلجلجت فسبقها إلى الكلام قائلا: «ستلومينني على اختفائي كل هذه المدة، ولكنني لم أختف إلا رغبة في خدمتك، فلما رأيت منفعة لك في الظهور ظهرت، وأظنني أفدتك.»
Bilinmeyen sayfa