فنهضت زينب للقائه بالباب، ووقفت دنانير وميمونة احتراما. ثم دخل الأمين وقعد على وسادة هناك، وأجلس زينب إلى جانبه وسألها: «أفي شوق أنت إلى قصرك يا زينب؟»
فقالت: «كما يشاء أمير المؤمنين.»
فاستحسن تأدبها على صغر سنها وقال: «لقد أمرت القهرمانة بإعداد هودج يحملك وحاضنتك إلى دجلة، ثم تركبان الحراقة إلى القصر.»
فنظرت إليه زينب نظر المدل الطامع وقالت: «وميمونة؟»
فقال وهو يضاحكها: «تبقى في ضيافتنا يوما أو يومين، ثم نبعث بها معززة مكرمة.» قالت: «ألست وعدتني بأن ترسلها معي؟»
قال: «بلى، ولكني رأيت أن تبقى عندنا ضيفة كما كانت عندك. وما أظنها ترفض الضيافة في قصر الخلافة.»
ورفعت زينب بصرها إلى دنانير كأنها تستغيث بها، فنظر الأمين إلى دنانير وقال: «قولي لمولاتك إن ميمونة ستبقى عندنا ضيفة مكرمة ثم نرسلها.»
فعلمت دنانير أنه مصر على استبقائها عنده، وأدركت سبب إبقائها لأنها تنسمت من أخبار القصر أنه اجتمع في الصباح بالفضل؛ فوقعت في حيرة وقالت: «إن أمير المؤمنين لا يرد أمره، وبقاء جاريته في قصره شرف لها.»
فلما تحققت ميمونة أنها باقية سكتت والدمع ينحدر على خديها، فوقع نظر الأمين عليها فرق لها وكاد يأمر بإطلاق سبيلها، ولكنه تذكر كلام الفضل فأمسك ونهض قائلا لزينب: «سيري في حراسة الله يا ابنة أخي.» ثم أوصى بها دنانير خيرا، والتفت إلى ميمونة وقال: «لا بأس عليك يا بنية.» وخرج فأمر قيمة الدار أن تعد ما يلزم لنقل زينب وحاضنتها إلى قصر المأمون. فأرادت زينب أن تتعلق بميمونة وتمتنع عن الذهاب، فأمسكتها دنانير وأفهمتها أن أمر الخليفة لا يرد ولا بأس على ميمونة. فلما خلت ميمونة إلى زينب ودنانير بعد خروج الأمين أطلقت لنفسها عنان البكاء حتى كاد يغمى عليها، فأخذت دنانير تهون عليها ووعدتها بأن تخبر سلمان بخبرها ليسعى في إنقاذها، كما وعدت بتوسيط سواه إذا اقتضى الأمر ذلك.
بين زبيدة وعبادة
Bilinmeyen sayfa