Amin Khuli ve Yenilenmenin Felsefi Boyutları
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Türler
لذا فإن البحث في تجديد الفكر الديني بمثابة البحث عن طوق النجاة من الانسحاق الحضاري والضياع الثقافي في خضم ما نعانيه الآن من طوفان الانفلاقات الذي لا يتنازعنا فحسب، بل ويتنازع دعائم وجودنا على خريطة العالم. وبعد أن ماهت الفوارق بين التبعية والاستقلال الحضاري، وترسم بديلا موقف هامشي هو موقف التنازلات تلو التنازلات، التي أصبحت تلامس ثوابت الهوية، ووضع القومية موضع الاستفهام، والعروبة موضع التشكيك، والإسلام كرديف للرجعية.
ولا غرو أن يعقب هذا انتهاب الأرض وعلو الصهيونية، واهتزاز قيم الحرية والعدل، وانحسار العقلانية وهبوط الوعي، وتراجع المشروع القومي، وشيوع التعصب وذيوع التطرف. وفتية تنتابهم هيستريا الفرار المخبول للماضي، أو نوبات علاقة إجرامية بالحاضر مضمخة بالإرهاب والدماء.
ثم العجز عن الخروج من التبعية للغرب، وهو لا يكتفي بميراثه الإمبريالي والصهيوني الطويل الوبيل مع حضارتنا، بل يعقب هذا - أخيرا - بما سمي «الحرب الثقافية». وقد ظهر هذا المفهوم في أعقاب حرب الخليج، وكان اعتماده صراحة في مقال و.س. لنيد «الدفاع عن الحضارة الغربية» بمجلة السياسة الخارجية الأمريكية، ثم في مقال صمويل هنتنجتون - الأستاذ بجامعة هارفارد - «الصدام بين الحضارات» بمجلة «الشئون الخارجية» الواسعة الانتشار. وخلاصة مقال هنتنجتون - الذي حاز شهرة واسعة - أنه بعد انتهاء الحرب الباردة بين الشيوعية والرأسمالية، ستكون الخطوط الفاصلة بين الحضارات هي خطوط القتال في المستقبل، بين الغرب وبين الحضارات غير الغربية الست، وأولها الحضارة الإسلامية. ويخلص هنتنجتون إلى دعوة الغرب كي يتصدى لهذا الخطر الزاحف من الشرق الإسلامي إلى الغرب والشمال.
67
إنها مواجهة ثقافية صريحة، تستنفرنا لبعث الحياة والنماء والتطور ... التجديد في عصب ثقافتنا ومعامل خصوصيتنا الحضارية: الفكر الديني، لا سيما بعد أن نخلص من كل هذا إلى ما نشهده الآن من ضياع القدس نهائيا من بين أيدينا.
ويصعب اعتبار هذه الأوضاع المتأزمة - أو المحنة الراهنة - أمرا عارضا، حين نجد كتاب السيوطي المذكور «التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة» يقوم على أن المحن تحدث على رءوس القرون، فتقتضي التجديد جبرا لما حصل من الوهن بالمحن، ويعدون هذه المحن على رءوس المائين، فيذكرون الحجاج ومحنة خلق القرآن وخروج القرامطة وأفاعيل الحاكم بأمر الله، واستيلاء الفرنج على بلدان شامية من بينها بيت المقدس.
وحين تكون المحنة دهماء من قبيل استيلاء الفرنج على بيت المقدس، فإن أمين الخولي يفضل مجددا في أصول العقائد - وهو متكلم على مجدد في الفروع والعبادات - هو فقيه. إن التجديد قد يكون دوريا مع التغيرات الدورية، وقد يكون جذريا مع المحن التي تحدث عند رءوس المائين، وقد رام الخولي هذا التجديد الجذري المستجيب لاحتياجات الواقع، فيقول: «إن ذلك التجديد الجذري في رءوس القرون هو العمل الثوري الكبير الذي تحتاجه الأمة، كأنما هو ثورة اجتماعية دورية.»
68
وتحتاجه الأمة الآن على ضوء التداعيات الراهنة أكثر من احتياجها إياه في أية مرحلة أخرى، أو على رأس أية مائة سابقة - هجرية أو ميلادية. إن الحاجة تلح الآن إلى إعادة قراءة أصولنا الدينية قراءة تاريخانية علمية تجديدية تطويرية، لا أن ننفصل عنها وننكر لها إمعانا في التبعية والاستسلام.
لقد بات من الضروري السير في الطريق الذي عبده الرائد الشيخ أمين الخولي للتجديد والتطور في الفكر الديني، استنقاذا للوعي القومي وللشخصية الحضارية، بل ولوجودنا الحضاري ذاته لا سيما بعد أن تصاعد مد العولمة مهددا باكتساح كل الخصوصيات الحضارية والتنوع الثقافي فلا يبقى إلا النمط الأمريكي.
Bilinmeyen sayfa