أخلاقه وشخصيته
كانت أخلاق ابن الحاجب نسيجا فذا بين أخلاق العلماء. وقد انتزعت هذه الأخلاق ثناء الناس حتى أولئك الذين كانوا يخالفونه في الرأي. فقد كان الرجل ثقة حجة متواضعا عفيفا، كثير الحياء، منصفا، محبا للعلم وأهله، محتملا للأذى صبورا على البلوى (١). وكان صدوقا مخلصا. وقصة وقوف صاحب دمشق الصالح إسماعيل تأييدا لصديقه العز بن عبد السلام ودخوله السجن معه مما يثير الإعجاب.
ولقد استكمل ابن الحاجب مقومات الشخصية العلمية بما اشتملت نفسه من العزم والتواضع، وما أدركه عقله من مختلف صنوف المعرفة العلم وما استقام به لسانه من الفصاحة والبلاغة، كل ذلك جعل منه عظيمًا. جاء في الديباج المذهب (٢): "وقد بالغ الشيخ تقي الدين بن العيد وهو أحد أثمة الشافية في مدح كتابه (جامع الأمهات) ثم قال: الدين كان وحيد عصره علمًا وفضلًا وإطلاعًا".
وتتضح شخصية ابن الحاجب فيما نقله ابن خلكان عنه حيث قال (٣): "وخالف النحاة في مواضع وأورد عليهم إشكالات وإلزامات تبعد الإجابة وكان من أحسن خلق الله ذهنًا. وجاءني مرارًا بسبب أداء شهادات وسألته عن مواضع في العربية مشكلة فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام".
عقيدته وثقافته
كان ابن الحاجب من أبرز فقهاء مصر والشام في العصر الأيوبي
_________
(١) البداية والنهاية ١٣/:١٧٦.
(٢) ٢/ ٨٦.
(٣) وفيات الأعيان ٣/ ٢٤٨.
1 / 18