Umut ve Ütopya Ernst Bloch Felsefesinde
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
Türler
وعندما نضع ما نتكلم عنه في سياق العبارة ونقوم بتوصيله إلى المخاطب أو السامع، فإننا نوصل إليه معنى عاما ومفهوما يمكن بدوره أن يدخل في سياق عبارات أخرى تكمله وتضيف إليه، أو تعدله وتغير منه. بذلك تكون اللغة - في مستوى الدلالة الأعم الذي أشرنا إليه - نظاما مفتوحا على دلالات أخرى متنوعة، وبذلك أيضا يكون العالم الذي يتكون في اللغة وبها أشبه بنسيج طيع مرن، يمكن أن تضاف إليه خيوط جديدة باستمرار ويكون ما سميناه «بما لم يتم الوعي به» ماثلا فيها على الدوام، لأن العبارة من حيث هي بنية موضوعية أشبه بالبؤرة أو النواة التي تطلق المعاني من داخلها كما تستوعبها من الخارج. ويترتب على هذا أن العبارة بعلاقتها الدلالية الثلاثية لا تقبل أن تحدد بصورة نهائية، ولا تكون أبدا ذات معنى واحد ثابت، وإنما تظل عبارة مفتوحة متعددة المعاني، أو تظل على الطريق إلى ذاتها لم تتوحد معها بعد، وقد تتوحد معها من خلال عملية التفسير أو التأويل التي لا تتوقف. هكذا يمكن القول إن البنية الدلالية للغة تعمل في الوقت نفسه على تكوين البنية الأنطولوجية لما «لم يوجد بعد»؛ ومن ثم تصبح الأنطولوجيا «الصورية» فرعا من فلسفة اللغة، تملأ إطارها الأنطولوجيا «المادية» بمضامين العالم الطبيعي والعالم التاريخي.
85
وإذا كانت اللغة في ذاتها ولذاتها دلالية، فإن الموجود الذي يخرج من وجوده الأخرس (الذي يوصف منذ هيجل بأنه وجود في ذاته) ليصبح بالنسبة إلينا حاملا لدلالة، لا بد أن يكون له طابع مجازي فهو يدل على ذاته كما يدل في الوقت نفسه على شيء آخر أكثر منه وعلى شيء آخر غيره: «فمن خلال تعبير التشبيه عن الشيء الواحد عن طريق شيء مختلف - مع العلم بأن هذا الشيء المختلف يمكن أن تتسع وجوه اختلافه وتتعدد تعددا كبيرا - فإنه (أي التشبيه) يوصف بأنه مجازي. وإن «شرف» المجاز وتماسكه الداخلي يكمن على وجه التحديد في هذا التعدد الدلالي الدال بذاته، وفي هذا الشيء غير المحدد بالضرورة الذي ما يزال التشبيه ينطوي عليه ثم في السلسلة المتصلة من الإحالات إلى كل ما يمكن أن «يطابق» فعل الدلالة، بل إلى كل أشكال هذا التطابق في العالم.»
86
تعتمد المقولة التي سميناها في الفصل السابق «ما قبل الظهور» على هذه الدلالات المختلفة التي يمكن أن يوحي بها الشيء الواحد، خصوصا خلال التعبير المجازي؛ فهي تحاول أن تظهرنا على شيء لم يوجد بعد ومن ثم يعبر عنه - عن طريق التشبيه والاستعارة مثلا - بشيء آخر. ولما كان ذلك الذي «لم يوجد بعد» أمرا لم يثبت ولم تتحدد الصورة التي سيكون عليها في المستقبل، فلا بد أن يكون تعدد دلالاته في هذه الحالة شيئا طبيعيا، لأنه يجعل مجال الفهم والواقع المنتظر مفتوحا، ويسمح - إذا جاز هذا التشبيه - بإعادة ترتيب الأحجار التي يتكون منها بناء العالم. ومن هنا يظل عالم الأشياء - وهو في ذاته عالم أخرس - حافلا بالألغاز والأسرار في نظر العقل. ولا بد للعقل أن يتحسس المعاني المختلفة التي يمكن أن تحل له مغاليق اللغز أو تفتح خزائن أسراره. ولا بد أيضا أن تتعدد الحلول والمفاتيح بحسب السياقات التي توضع فيها الأشياء والموجودات، بل إن كل حل يوجد معه سياقا جديدا ويوحي بحل جنيد.
87
ويفرق بلوخ تفرقة دقيقة بين المجاز والرمز. فالمجاز هو المتعدد المعاني الذي ينطوي على الشبيه والمخالف في نفس الوقت، أما الرمز فهو الذي يقوم بعملية التوحيد تحت معنى واحد. ولا بد من الشعور فيها جميعا بالمضامين اليوتوبية ورفعها إلى مستوى الوعي الواضح، وتلك هي الوظيفة اليوتوبية التي تتحقق في الأعمال الفنية الكبرى والأصيلة: «إن التشبيه هو علامة على شيء ما يزال بالنسبة لنفسه علامة، أي بعبارة أوضح هو علاقة ما لم يتكشف لنفسه في الموضوعات ذاتها، وما لم يتحد مع نفسه تماما ولم يتحقق في العالم تحققا واقعيا كاملا، وطالما بقي العالم على هذا النحو في حالة عدم اكتمال، أي في حالة تجربة مستمرة لماهيته التي لم تتحقق تماما أو لم تبرز إلى الوجود بصورة واقعية ، فإن المجازات والرموز ستظل تشارك هنا وهناك، بدلالاتها على صيرورة العالم أو على هدفه وغايته في كل أحوال العالم وأشكاله؛ بهذا يمكن القول بأن هذه الأشكال نفسها تحتوي على مجازات ورموز، أعني أنها تحتوي على مجازات واقعية ورموز واقعية.»
88
هكذا تتعدد معاني العالم ودلالاته. فكل شيء يمكن أن يعبر عن شيء آخر غيره. وإذا كان هذا يصدم مبدأ الهوية (أو الذاتية) ويمحو الفروق التي تميز الموجودات عن بعضها ويضيع معالمها المحددة، فلا بد أن نسلم من وجهة النظر الجدلية بأن الهوية النهائية لا وجود لها، وأن كل شيء يمكن أن يكون غيره. وفي هذه الحالة يكون التعبير المجازي (كالتشبيه والاستعارة) وظيفة يوتوبية أو علامة على علامة أخرى، أي على شيء لم يكشف بعد عن حقيقته، ولم يتحد بذاته، ولم يصبح واقعا متحققا. ومن ثم يكون العالم في وضعه القائم عالما ناقصا ولم يبلغ تمامه، لأنه لم يزل في حالة تجربة مستمرة ولم يزل في سبيله إلى تحقيق ماهيته بصورة واقعية. ولهذا السبب أيضا تشارك التعبيرات المجازية بدلالاتها المتعددة في التعبير عن صيرورته المتصلة وتحولاته وأشكاله التي لا تتوقف، بل من الجائز أن نصف أشياءه وموضوعاته «الواقعية» بأنها في حد ذاتها مجازات واقعية أو رموز موضوعية
89
Bilinmeyen sayfa