التخريج ودراسة الأسانيد

Hatim al-Awni d. Unknown
86

التخريج ودراسة الأسانيد

التخريج ودراسة الأسانيد

Türler

*مسألة الرواية عن أهل البدع: قد اختلف فيها أهل العلم كثيرًا، فمنهم من منع الرواية عن المبتدعة مطلقًا، ومنهم من قبلها عنهم مطلقًا، ومنهم من فصّل، واختلفوا أيضًا في هيئة هذا التفصيل. والراجح في رواية المبتدع أنها لا تقبل إلا بالشروط الآتية: الشرط الأول: أن لا يكون مُكفرًا ببدعته، فمن كفَّرَهُ أهل السنّة والجماعة بعينه، فهذا لا يستحق أن يذكر في زمرة المسلمين فضلًا عن أن يكون من الرواة المقبولين. الشرط الثاني: أن لا يكون فيه سببٌ لردّ الحديث سوى البدعة، أي أن يكون معروفًا بالتقوى والورع، ومُعظمًا لحرمات الدين، وضابطًا ... إلخ، فالمقصود: أن لا يكون فيه طعنٌ سوى البدعة. الشرط الثالث: أن يكون غير معاندٍ متبع للهوى، وهي التي يُعبر عنها العلماء بقولهم: أن لا يكون داعية، وقد عبّر عنها الإمام مسلم في مقدمة صحيحه بقوله: أن لا يكون معاندًا. فعبّر بالمعاند ولم يُعبر بمطلق الداعية. ومَنْ نقل الإجماع كابن حبان والحاكم على عدم قبول الداعية، فيغلب على الظن أنهم يقصدون الداعية المعاند الذي يتبع الهوى، فيعرف الحق ويُصرّ على الباطل استكبارًا وعنادًا، فهذا غير متأول، فلا نقبل روايته مطلقًا، أما المتأول فيُتساهل مع روايته دون الأول. الشرط الرابع: أن لا يروي حديثًا منكرًا يؤيد بدعته. وينبغي التنبه لكون الحديث منكرًا، فلا يكفي أنه يؤيد بدعته، فقد يروي المبتدع حديثًا يؤيد بدعته، لكن لا يكون منكرًا، فحينها إذا اجتمع مع بقية الشروط قبلنا هذه الرواية، كما أخرج الإمام مسلم حديث عدي بن ثابت وهو من الرافضة، أن النبي ﷺ قال لعلي: «لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق»، فهذه روايةٌ في صحيح مسلم لأحد المبتدعة الدعاة، يؤيد فيها بدعته، لكن ليس فيها نكارة، فلا يشك أحدٌ أن علي بن أبي طالب لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، بل هذا نقوله في جميع الصحابة؛ فلذلك أخرج هذه الرواية الإمام مسلم.

1 / 86