القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

Mohammad Habash d. Unknown
136

القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

Yayıncı

دار الفكر

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Yayın Yeri

دمشق

Türler

وثمرة الخلاف: فيما أفادته الآية من معان، فقد فهمنا من قراءة النصب أن الله جعل كلمته عليّة ظاهرة، ثم عاد فقرر أن علوّ كلمته سبحانه قديم لم يطرأ بعد أن لم يكن، فالمسألة مسألة إبداء وليست مسألة ابتداء، فكلمة الله عالية أصلا، ولكن ظنّ بعض الناس خلاف ذلك فأظهر المولى سبحانه إرادته حين قدر نصرة النّبي ﷺ على المشركين يوم الغار. هذا ما يمكن به التأليف بين القراءتين، ولكن ثمة معنى آخر في قراءة يعقوب المتواترة في غاية الأهمية لم أجد من نبّه إليه، وهو أن الإخبار من المولى سبحانه بجعل الشيء لا يعني حدوثه، وهي المسألة التي طارت بها المعتزلة قديما في الاحتجاج لقولهم إن القرآن مخلوق؛ حيث قالوا: كل مجعول فهو مخلوق، ووجهوا ذلك إلى قول الله ﷿: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١) [الزّخرف: ٤٣/ ٣]. وقوله: وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا [الشّورى: ٤٢/ ٥٢]، فأوهموا باستدلالهم حدوث القرآن، على أساس أنه مجعول. فماذا ستقول المعتزلة لهذه القراءة المتواترة، أن الله جعل كلمته هي العليا يوم الهجرة؟ فهل كانت غير ذلك من قبل؟ وهل طرأ عليها العلوّ طروّا بعد أن لم يكن؟ ...

(١) انظر ما حرره القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي في كتابه طبقات المعتزلة، ١٥٧، بتحقيق السيد فؤاد السيد، ط الدار التونسية للنشر.

1 / 150