Nazi Almanyası: Çağdaş Avrupa Tarihi Üzerine Bir Çalışma (1939-1945)
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
Türler
وفي «النرويج» التي أخضعها النازيون لسلطانهم «أبريل-يونية 1940»، كان سواد النرويجيين - على الرغم من انتصارات الألمان الخاطفة، وظهور «كويسلنج» وأنصاره ممن قبلوا التعاون مع الغزاة الفاتحين - لا يزالون كبيري الثقة بانتصار بريطانيا وهزيمة ألمانيا في النهاية؛ ولذلك فإن الصحف النرويجية التي رفضت الانحياز إلى الكويسلنجيين، سرعان ما صارت تحاول مراوغة «الرقيب» الألماني، وتتحين الفرص حتى تنشر على جمهور قرائها التعليمات السرية التي أصدرها الألمان حتى يمنعوا هذه الصحف من إظهار أي عطف نحو قضية إنجلترا أو قضية الديمقراطية عموما، ومن تقديم النقد اللاذع إلى حكومة «كويسلنج» وأعوانه، ومن الإشادة بذكر «هاكون» ملك البلاد، ومن إذاعة القصص أو النوادر التي تقلل من هيبة السادة النازيين وتجعلهم موضع زراية أهل النرويج وسخريتهم. وكانت الرقابة التي فرضها النازيون على الصحف شديدة في العاصمة «أوسلو» على وجه الخصوص، وكذلك في «برجن»، وانتشر الجستابو في كل مكان لمراقبة أصحاب الصحف ومحرريها. أما في سائر المدن الداخلية فقد تعذر على الألمان أن يوجدوا رقابة صارمة، وكان من أعمال هذه الرقابة اختيار الأنباء التي أجازت سلطات الاحتلال الألمانية إذاعتها، وكذلك بعض المقالات الافتتاحية التي أرغمت الصحف إرغاما على نشرها، وكانت تتضمن تعليقات تنطوي على المبالغة في جسامة الأضرار الناجمة عن إغارات الطائرات البريطانية على الموانئ والمدن النرويجية الساحلية، ثم محاولة إقناع الشعب النرويجي بأنه ما كان ينبغي أن تحل به هذه الكوارث، لو أن الملك «هاكون» قبل البقاء في مملكته ولم يتخذ مقر حكومته في لندن، ويتحالف مع البريطانيين الذين يغيرون على بلاده بطائراتهم وتفتك قذائفهم بأبناء وطنه.
ولما كان سواد الشعب في شهور الاحتلال الأولى يجهل أن أصحاب الصحف الوطنية «النرويجية» ومحرريها إنما يرغمون على كتابة هذه المقالات، ومسدسات الجستابو مسلطة على رءوسهم، كما كانوا يجهلون المحاولات التي تبذلها الصحف حتى تتخلص من «الرقابة» الصارمة، فقد ظن هؤلاء أن هذه الصحف إنما تنشر الدعاوة للنازيين، وتكيل السباب للبيت المالك مختارة؛ ولذلك تدفقت رسائل القراء من كل جانب، يلغي أصحابها اشتراكاتهم، ويقطعون صلتهم بالصحف التي اعتادوا أن يقرءوها منذ مدة طويلة.
وفي يونية 1940 أصدر النازيون عدة تعليمات حتموا على الصحف اتباعها، فيما ينبغي نشره، من ذلك أن البلاغات الحربية الصادرة من البلدان المحاربة ضد ألمانيا لا يجوز نشرها إلا إذا أجازت ذلك وكالة الأنباء النرويجية، الخاضعة لرقابة النازيين، ولا ينبغي أن تنشر الصحف أية أنباء مذاعة بالراديو من البلدان التي في حالة حرب مع ألمانيا، وكذلك لا يجوز أن تنشر الصحف شيئا من الخطابات التي يلقيها أعضاء البيت المالك، أو الحكومة أو القيادة العامة، كما لا ينبغي نشر صور أحد من جميع هؤلاء، وعند الحديث في شئون السياسة الخارجية، ينبغي دائما أن تحترم الصحف وجهة النظر الألمانية، ولا ينبغي مهاجمة دولة من الدول التي عقدت اتفاقات أو معاهدات مع الريخ الثالث، وكذلك فإنه عند الكلام عن الحالة المالية في البلاد، يجب أن تمتنع الصحف عن نشر كل ما قد يؤدي إلى إثارة الخواطر، بل عليها بدلا من ذلك أن تعرض الموضوعات التي من هذا القبيل بشكل يضمن إدخال الطمأنينة إلى نفوس القارئين، وزيادة على ذلك، فإن من واجب الصحف أن تمتنع امتناعا تاما عن الخوض في كل ما قد يغير النفوس بين النرويجين والألمان، أما إذا رفض محررو الصحف اتباع هذه التعليمات، فإنهم يصبحون معرضين لتوقيع العقوبات الشديدة عليهم عدا غلق صحفهم.
ولم يكن من المنتظر أن تذعن الصحف النرويجية لهذه الأوامر والتعليمات، بل حاول المحررون على الرغم من صرامة الرقابة النازية، أن يتحينوا الفرص حتى يتحرروا من أغلال هذه القيود الشديدة، ونجحت في أحايين كثيرة هذه المحاولات، وساعد على ذلك أن الرقباء الألمان كانوا قليلي الدراية بأساليب الكتابة النرويجية وبحقيقة الأدب النرويجي، ولكن الكويسلنجيين سرعان ما صاروا يوضحون لسادتهم النازيين ما استغلق عليهم فهمه؛ فأغلقت صحف كثيرة، وقبض النازيون على عدد كبير من المحررين، وفي بعض الحالات استبدل النازيون «بقلم التحرير» جماعة من الموالين لهم الذين وثقوا بهم، كما فعلوا في صحيفة «أوسلو» الراديكالية المعروفة «داجبلادت
Dagbladet » وفي غيرها.
بيد أنه كان من نتائج هذه الرقابة الصارمة، ظهور الصحف السرية في بلاد النرويج. وفي خلال شهور الاحتلال التسعة الأولى اعتمد الأهلون في معرفة أنباء العالم الصحيحة على الإذاعات الخارجية، ولم تفد مصادرة الألمان لأجهزة الراديو شيئا في منع الأهلين من الاستماع إلى إذاعة المحطة البريطانية
B. B. C. . إذ سرعان ما استخدم النرويجيون أجهزة جديدة. وفي أول الأمر تناقل الأهلون أخبار هذه الإذاعات شفاها، واستمر الحال على ذلك حتى قرر أحد الوطنيين ويدعى «أولاف
Olav » إنشاء صحيفة سرية، سماها: «نريد وطننا!
Vi Vil Oss et land » ثم استطاع «أولاف» أن يجد من بين الصحافيين الوطنيين خمسة قبلوا العمل معه، وانطلقوا جميعا يعدون العدة لإصدار جريدتهم الجديدة.
غير أنه كانت هناك صعوبات عدة في بادئ الأمر كادت تقضي على هذا المشروع بالفشل أهمها: صعوبة الحصول على الورق، وحروف الطباعة والمطبعة؛ فبذل الرفاق كل جهد حتى استطاعوا الحصول على كميات مناسبة من الورق وعلى الآلات اللازمة، ثم على مكان يطبعون فيه جريدتهم، وانضم إليهم رجلان آخران فصاروا سبعة، وتمكنوا من إصدار صحيفتهم، وأحدث ظهور عددها الأول أثرا عميقا في النرويج، كما أزعج الألمانيين إزعاجا شديدا؛ لأن هؤلاء كانوا قد ظنوا النرويجيين بعد مضي هذه الفترة الطويلة عقب الاحتلال، قد بدءوا يقنعون بالعيش في ظل النظام الجديد، وتوقع النازيون لذلك أن يكثر مؤيدو هذا النظام يوما بعد يوم. وعلى هذا، كان صدور «نريد وطننا!» قاضيا على أحلامهم وأمانيهم، فجرد الألمان قوة الجستابو الخطيرة لمعرفة محرريها والقبض عليهم، ولكن هذه المحاولات الأولى باءت بالفشل، وعظم حنق الألمان، كما زادت حيرتهم.
Bilinmeyen sayfa