والرأي الأرجح عند علماء المقابلة بين الأديان أن الاعتقاد بالثنائية
Dualism
يأتي أحيانا كثيرة بعد اعتقاد الوحدانية على الصورة التي أجملناها، وهي الوحدانية الناقصة التي تأذن بوجود الأرباب معها أو بتنازع الوحدانية بين إله دولة وإله دولة أخرى.
وهم يعللون ظهور الثنائية بعد الوحدانية بأن الإنسان يترقى في هذا الطور فيحاول تفسير الشر في الوجود بنسبته إلى غير إله الخير، ولا يكون هذا من قبيل النكسة في عقيدته؛ لأنه لا يزال يسيغ تعدد الأرباب ويسيغ التمايز والترجيح بينها والتفاوت بين درجاتها وطبائعها، فلا تكون الثنائية بعد الوحدانية نكسة من الأعلى إلى الأدنى، بل تقدما من الأدنى إلى الأعلى لتنزيه الله والارتفاع بصفاته إلى أرفع صور الكمال الموافقة لترقي الإنسان في أطوار العبادة.
وأثبت من هذا عندهم - أي عند علماء المقابلة بين الأديان - أن وحدة الوجود
تأتي بعد جميع الأطوار توفيقا بين النقائض والضرورات، وإثباتا لوجود الله من طريق الثبوت الذي لا شك فيه، وهو ثبوت الكون بالحس والعقل والإيمان. •••
ولم تكن أرباب الأمم الماضية في جميع أطوارها نوعا واحدا أو مثلا لفكرة واحدة، ولكنها أنواع شتى يمكن أن نجمعها في الأنواع التالية، وهي: (1)
أرباب الطبيعة أو الأرباب التي تتمثل فيها مشاهد الطبيعة وقواها كالرعد والبرق والمطر والفجر والظلام والينابيع والبحار والشمس والقمر والسماء والربيع. (2)
أرباب الإنسانية وهي الأرباب التي تقترن بأسماء الأبطال والقادة المحبوبين والمرهوبين، ويحسبهم عبادهم من القادرين على الخوارق والمعجزات. (3)
وأرباب الأسرة وهم الأسلاف الغابرون، يعبدهم أبناؤهم وأحفادهم ويحيون ذكراهم بالحفلات والمواسم المشهودة كما يحيي الناس ذكرى الموتى في هذا الزمان ويزورونهم بالأقوات والألطاف، ولكن مع هذا الفارق البين: وهو أن الرجل الهمجي لا يمنعه مانع أن يجعل الذكرى عبادة وأن يجعل هدايا القبر في حكم الضحايا والقرابين. (4)
Bilinmeyen sayfa