Allah, Kâinat ve İnsan: Dini Fikirler Tarihine Bakışlar
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Türler
وهو العقل والتفكير العقلاني. (س):
من المفترض أن الفلسفة في اليونان كانت الرابحة في هذه المواجهة؛ لأننا غالبا ما نقرأ أن اليونانيين هم الذين حققوا النقلة الحاسمة من الفكر الميثولوجي إلى الفكر الفلسفي العقلاني. (ج):
لقد نجحت الفلسفة في تحديد مهامها وصياغة مفاهيمها الخاصة انطلاقا من نقدها للأسطورة والتفكير الديني بشكل عام، ولكن ذلك لا يعني بأنها حققت نصرا مؤزرا على الأسطورة، وإنما حصلت على حيز لها في الثقافة اليونانية إلى جانب الحيز الذي شغلته الأسطورة؛ فبعد أن حققت الفلسفة ذروة انتصاراتها في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، قام الجانب الأكثر صوفية في الديانة اليونانية بالتعبير عن حضوره واستيلائه على قلوب اليونانيين من خلال عبادات الأسرار المحلية؛ مثل أسرار إيليوسيس التي تدور حول الإلهة ديمتر وابنتها بيرسفوني، وأسرار أورفيوس، وأسرار ديونسيوس. إضافة إلى عبادات أسرار تم استيرادها من الخارج؛ مثل أسرار ميترا الإيراني وسيبيل الفريجية وسيرابيس المصري. وقد انتقلت هذه العبادات بعد ذلك إلى الرومان. وفي هذه الأسرار هناك إله يعد الفرد بالخلاص بعد الموت وخلود الروح في عالم آخر، إذا هو اتحد به من خلال طقوس سرية خاصة لا يعرفها سوى من انتسب إلى عبادة الأسرار وعد في حلقة العباد. (س):
ولكننا غالبا ما نقرأ أن تاريخ الفكر الإنساني قد تتابع عبر أربع مراحل هي: السحر فالدين فالفلسفة فالعلم التجريبي. ونفهم من هذا أن كل مرحلة كسفت ما قبلها ! (ج):
هذا صحيح بشكل عام، وإن كنت لا أفرق بين السحر والدين لأسباب ربما تحدثنا عنها في وقتها، ولكن كل مرحلة من هذه المراحل لم تكن تكسف ما قبلها وإنما كانت تضاف إليها، ولا أدل على ذلك من استمرار الدين قويا وفاعلا في دولة العلم الحديثة. إن نظرة فاحصة على تاريخ الحضارة تظهر لنا أن الفلسفة اليونانية لم تصمد في مواجهة الدين غير قرون قليلة، ثم اندحرت أمام المسيحية التي سادت زمن الإمبراطورية الرومانية شرقا وغربا، وحلت محل عبادات الأسرار بعد أن استعارت أهم رموزها الدينية، وهو رمز الإله المخلص الذي يموت ثم يقهر الموت لكي يهب خلاص الروح لعباده. وعقب تبني الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحية كدين رسمي، أعلنت الكنيسة حربا شعواء على الفلسفة وطاردت أصحابها، وقتلت من بقي منهم أمينا للعقل الفلسفي. (س):
وماذا عن الإسلام هنا؟ هل عمل بدوره على قمع الفلسفة؟ (ج):
الثقافة الإسلامية لم تقمع الفلسفة والفلاسفة، بل سمحت للفكر الفلسفي بالتفتح، وقام علماء الكلام وهم اللاهوتيون المسلمون بتبني الطرائق الفلسفية في الدفاع عن العقائد الإسلامية وإثبات صحتها. وظهر فلاسفة مسلمون كبار ترجموا المؤلفات الفلسفية اليونانية وشرحوها، إضافة إلى إنتاجهم لنصوص فلسفية أصيلة. وقد ترجمت خلال عصر النهضة الأوروبية أعمال بعض هؤلاء إلى اللاتينية فساهمت إلى حد بعيد في نهضة الفلسفة الأوروبية الحديثة، ولكن على الرغم من كل ذلك فإن الفلسفة لم تشغل حيزا واسعا من الثقافة العربية مثلما فعلت في الثقافة اليونانية، ولم تستمل إليها شرائح واسعة من المفكرين الذين شغلتهم علوم الدين؛ مثل: علم الكلام، وعلم الحديث النبوي، وعلم تفسير القرآن، وعلم الشريعة. يضاف إلى ذلك أن الفلسفة العربية شغلت نفسها بمحاولة التوفيق بين الفلسفة والدين الإسلامي؛ أي إنها خضعت لمحددات وقيود لم تعرفها الفلسفة اليونانية. (س):
هذا الصراع بين الدين والفلسفة، هل تحول بعد ذلك إلى صراع بين الدين والعلم، ولا سيما وأن العلم هو الابن الشرعي للفلسفة. (ج):
حصل هذا في المسيحية ولم يحصل في الإسلام؛ فقد أنكرت المسيحية في بداية عهدها كروية الأرض، وعندما اعترفت بها وقفت إلى جانب النظام الفلكي لبطليموس اليوناني الذي أيده ودافع عنه أرسطو أيضا، والقائل بأن الأرض هي مركز الكون وكل شيء يتحرك حولها بما في ذلك الشمس. وقد حاربت الكنيسة كل من يقول عكس ذلك. وعندما قال الفيلسوف الإيطالي جيوردانو برونو بأن الأرض ليست سوى كوكب صغير في كون واسع ولا نهائي يحتوي على أكوان لا حصر لها، عقدت الكنيسة محكمة من رجال الدين لمحاكمته، فحكمت عليه بالموت حرقا في العام 1600م. وبعد ذلك بعدة عقود كاد الفيلسوف والعالم الفلكي الكبير غاليلو غاليلي أن يلقى المصير نفسه لولا أن اعترف بخطئه أمام المحكمة وقال إن الأرض لا تدور. وكان من نتيجة ذلك انتقال النهضة العلمية من إيطاليا إلى المناطق الشمالية. وعلى الرغم من الانتصارات الباهرة التي حققها العلم بعد ذلك، فقد بقيت الكنيسة تقبل ما تشاء من مقولاته وترفض ما تشاء من موقع الوصاية، وعندما نشر داروين كتابه في أصل الأنواع وطبق نظرية التطور على أصل الجنس الإنساني، اتهمته الكنيسة بالتجديف ومحاولة تهديم أسس الدين، على الرغم من أن ذلك كان أبعد ما يكون عن تفكيره. (س):
واليوم نحن في عصر المعلوماتية وانفجار المعرفة. هل ما زال الصراع بين الدين والعلم قائما؟ (ج):
Bilinmeyen sayfa