Allah, Kâinat ve İnsan: Dini Fikirler Tarihine Bakışlar
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Türler
وهنا تحضرني حادثة طريفة ذات علاقة بالفيدا؛ فعندما كنت مقيما في الإمارات العربية، طلبت من صديق هندي ذاهب في إجازة إلى موطنه أن يحضر لي معه الرج فيدا معتقدا أنه مجرد كتاب في ثلاثمائة أو أربعمائة صفحة، وعندما عاد دخل إلى مكتبي ومعه علبة ثقيلة ينوء بحملها، فوضعها أمامي قائلا: هذه هي الرج فيدا. وكانت في نحو عشرة مجلدات ضخمة يحتوي كل منها على 400 صفحة، وترتب علي أن أدفع مقابلها ثمنا باهظا لم أكن أتوقعه. (س):
هل جاء هؤلاء معهم بعقيدة وحدة الوجود؟ (ج):
كلا؛ فهذا المفهوم نشأ عن تمازج دين الفيدا مع دين السكان الأصليين؛ فقد كان دين هؤلاء القادمين دينا طقسيا عمليا لا يحتوي على كثير من الأفكار المجردة، وكان القربان الحيواني مركز طقوسهم، ومن خلاله اعتقدوا أنهم قادرون على الحصول من الآلهة على ما يريدون. ومع تقديم القربان، كان الكهنة القائمون عليه يتلون صيغا كلامية سحرية من شأنها أن تضع تحت تصرفهم تلك القوة فوق الطبيعانية التي تجعل الإجراء السحري فعالا.
على أن معتقد الفيدا أخذ بالتبدل عندما تبدل الفاتحون نتيجة اختلاطهم بالسكان، فتشكل خلال الفترة المعروفة بالبراهمانيين معتقد صوفي طورته فئة من الكهنة كانت في الماضي تشرف على طقوس القرابين، وقد دعي هؤلاء بالبراهمانيين، أو البراهمة كما دعتهم المصادر العربية في العصر العباسي؛ فقد أخذ هؤلاء بتكوين مفهوم جديد عن الألوهة، والنظر إلى آلهة الطبيعة المختلفة باعتبارها وجوها لحقيقة كلانية وكينونة خافية هي براهمان، الألوهة غير المشخصة والقدرة الكامنة خلف مظاهر الكون المتبدية . وقد تطور فكر هؤلاء من خلال الأسفار المعروفة باسم البراهمانات (مفردها براهمانا)، وهي عبارة عن تعليقات وشروح على الفيدا كان آخرها كتاب الأوبانيشاد الذي دون في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد وأسس للتصوف الهندي. (س):
كيف تم عبور الهوة الواسعة بين عقيدة تعددية طقسية تجعل من القربان الحيواني صلة بين السماء والأرض، وعقيدة صوفية توحد بين السماء والأرض؟ (ج):
يبدو أن الأمر حصل هكذا؛ فمن خلال تفرغهم للشئون الدينية، وإشرافهم على أداء الطقوس المعقدة المصحوبة بالصيغ السحرية المنطوقة، طور البراهمة مفاهيم عن معنى الطقس وغاياته والقوة الخافية التي تمنحه التأثير والفعالية. فالتضحية ليست قربانا يقدم إلى الآلهة مع الصلاة والشكر، بمقدار ما هي عمل سوي يضع تحت تصرفهم تلك القوة الماورائية السارية في الكون، والتي ينبغي على الآلهة أنفسهم الانصياع لها. وقد دعيت هذه القوة براهمان، وهي كلمة كانت تطلق في الأصل على الصيغ السحرية المستخدمة لاستنهاض القوة ثم تحولت لتصبح دلالة على القوة نفسها. ومع تركيزهم على هذه القوة ومحاولة فهمها، راحوا ينظرون إليها على أنها مصدر كل شيء ومآل كل شيء، وتحول سعيهم من محاولة التأثير فيها إلى التوحد معها. وشيئا فشيئا، أخذت الآلهة الفيدية تفقد شخصيتها وتغدو رموزا طقسية لا أكثر، فأدار الكهنة لها ظهورهم وراحوا يمارسون رياضات روحية باحتساء شراب السوما المخدر الذي لا نعرف كيف كانوا يصنعونه، من أجل التوصل إلى حالة من الوجد، يشعرون معها بذوبان الأنا الفردية بالكل. هذه الحالة التي يختبرها البراهماني هي مقدمة للانعتاق والاتحاد مع براهمان. وهذا الانعتاق كان في البداية وقفا على البراهمة من دون غيرهم. ولكي تؤدي الرياضات الروحية المطلوب منها، كان على البراهماني أن يلتزم نظاما في الحياة يقوم على النسك والتزهد والفقر والعزوف عن متع الحياة الزائلة. (س):
ما طبيعة هذه الرياضات الروحية؟ (ج):
إن عقل الإنسان مشغول على الدوام بالأمور اليومية، وعندما لا يكون مشغولا بها تراه يقفز مثل قرد دائم الحركة من فكرة إلى أخرى دونما غاية؛ ولذلك فإن المهمة الأولى التي يتوجب على السائر في طريق المعرفة القيام بها هي ترويض العقل ووضعه في حالة استرخاء تام لكي يغدو مهيأ لتلقي المعارف العليا ، ويتم ذلك بواسطة اتخاذ جلسة التأمل الباطني التي نراها في التماثيل البوذية عادة، وإبعاد كل الأفكار والصور التي يمكن للعقل أن يتداولها، مع التنفس بطريقة إيقاعية خاصة. ويترافق ذلك مع التركيز على اللحظة الراهنة، فلا ماض ولا مستقبل ولا جريان للزمن، وإنما لحظة أبدية خارج الزمان والمكان. ومع المضي في هذا التدريب اليومي، قد يصل الفرد إلى حالة من الوعي تجعله يدلف إلى عالم الحقيقة فيشعر بومضة يقين مثيرة للفرح ويحصل على الاستنارة التي من شأنها كف الكارما عن فرض تأثيراتها، وتصل دورة التناسخ إلى نهايتها. (س):
هل انتقلت هذه الرياضة الروحية إلى البوذية كما نفهم من كلامك؟ (ج):
هذا صحيح؛ فقد نشأت البوذية المبكرة في حاضنة دينية هندوسية، وبإمكاننا اعتبارها هرطقة براهمانية. (س):
Bilinmeyen sayfa